مؤتمر عن الحضارة المعمارية والحضارية في السياق المعاصر ومعرض بيئي في جامعة الروح القدس
نصر
بداية تحدث د. جوزيف نصر الذي أمل "أن يحقق هذا المؤتمر أهداف لجنة البحث، ألا وهي: تدريب من خلال البحث ولأجله، وبحث متعدد الاختصاصات وعبر الاختصاصات يقع على ملتقى طرق علوم الإنسان والمجتمع، والفن والخلق، والمعلومات والتواصل، ممّا يؤدي إلى وجود رابط بين عالمي البحث والتطبيق".
وتحدث عن لجنة البحث في الكلية التي تسعى بفضل الأساتذة والباحثين والطلاب، إلى بناء معرفة من أجل وضع الاسئلة الفلسفية والمفاهيم التشغيلية لفكّ شيفرة حداثة المعاصرة ولاستباق التطورات وعولمة العوامل المختلفة بوجه تشكيلتها وتحولاتها.
واعتبر انه "من بين رسائل لجنة البحث، لدينا تطوير موضوع بحث رئيس تحت عنوان "الظواهر والإدراك". ويقع هذا العنوان على مفصل أقسام عدة في الكلية لمدة 3 سنوات. ويهدف ذلك إلى تنظيم مؤتمرات وحلقات بحثية تدريجيًا بحضور باحثين أجانب ومع مداخلات من طلاب مختلف الاختصاصات. والتوجهات التي تنبع من هذا الموضوع هي التالية: المدينة وتحولاتها، الهندسة المعمارية العاطفية، ما معنى أن نسكن؟، والسكن كشعراء.
فيشفيش
من جهته لفت رئيس قسم الهندسة المعمارية في الكلية د. انطوان فيشيش إلى تسارع النمو السكاني والتوسع العمراني في الكثير من مدن شرق البحر المتوسط منذ منتصف القرن التاسع عشر، معتبرًا "أن هذا التزايد نتيجة للتطور العلمي والتقني والاقتصادي الذي بدأ قبل تلك الفترة في أوروبا. وأدت جميع التغيرات التي نتجت عن التطور إلى تغيير جذري في نمط الحياة. وقد أثرّت هذه التغيرات في مناطق التجمعات السكنية حيث ازدادت الحاجة إلى المساحات من أجل السكن والنشاطات والمعدات ممّا أدّى إلى ازدحام منهجي للمباني. وكانت نتيجة ذلك ارتفاع أسعار الأراضي التي جذبت المضاربين الذين استبدلوا المباني القديمة ذات غير المربحة ماديًا بمبانٍ أكثر ارتفاعًا. وبالتالي كُسرت الوحدة العفوية للأحياء التاريخية القديمة عن طريق بناء مجموعات الأبنية المتجانسة..." وشدد على أنه أمام هذه الوقائع وعولمة الكائن البشري الذي يميل إلى محو الاختلافات بين الشعوب، ظهرت حماية الثقافات الوطنية في الأزمنة الأخيرة كحاجة ملحة. فبسبب انفجار المعايير الاجتماعية في العالم المعاصر وتحولها، تحول التراث إلى نوع من ملاذ آمن يذكر بالزمن القديم هربًا من ضغوطات الحياة اليومية. وقد أصبحت المحافظة على التراث الهندسي وسيلة متميزة لإعادة إحياء القرى والمدن وعامل توازن في تخطيط الأراضي".
المحاضرات
ثم تناول المحاضرون موضوع المدينة وتحولاتها الذي يعتبر اليوم موضوعًا مهمًا في الحضارة المعمارية والحضارية في سياقنا المعاصر، سياق توسيع المدينة والمساحات المأهولة فيها وممارساتها. ما سيمح تدويل مدن اليوم تحليل التكوين الاجتماعي السياسي لمجتمع يخضع لتغيرات عميقة. وتم التشديد على ضرورة تحديث البحث والنقاشات حول المسائل الاجتماعية والثقافية والفلسفية والأنثروبولوجية والسياسية والفنية مقابل التحولات المعاصرة للمدن والمدن الكبرى.
وطرحت التساؤلات التالية: بوجه هذه التغيرات في المساحات الحضرية، هل يتحول الإنسان إلى كائن غير متجانس في مدينة تسوّق ثقافة الآخرين؟ هل يصبح الإنسان كائنًا مجبرًا على أن يصبح ملمًا بالهندسة المعمارية في مجتمع لا إطار زمني ولا مكاني له؟ وإلى أي مدى تحترم المدينة هويتها الأصلية بوجه عوامل التحوّل الموجودة فيها؟...
معرض بيئي
وفي إطار آخر نظمت كلية الفنون الجميلة والفنون التطبيقية، بالتعاون مع مكتب شؤون الطلاب في ومنظمة التنمية المستدامة غير الحكومية معرضًا بيئيًا بعنوان: "التدخلات المستدامة"، عرض فيه طلاب الكلية 12 مشروعا توزعوا على فرق، في الحديقة الخضراء الموازية للكلية.
وتجدر الإشارة إلى أنه في خلال فصل دراسي كامل، نفّذ الطلاب 12 مشروعًا في بيروت وضواحيها لإظهار أمثلة عن كيفية مواجهة مشاكل البلاد المختلفة من وجهة نظر مستدامة. ويستند تطوير المشاريع ومفهومها إلى مقاربة التنمية المستدامة العلمية، وإلى استراتيجية ثلاثية الأعمدة: التخفيض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير، وإلى ضمان توازن بين ما هو اقتصادي واجتماعي وبيئي.
وقد تمّ تصميم هذا المشروع ابتداءً من المعايير التالية: نموذج الاكتفاء الذاتي المستدام: توليد الطاقة الكهربائية الكافية لإنارة المساحات المستخدمة وتوليد الكميات المطلوبة، تصميم عالي المعايير يضمن راحة المشغلين الحرارية والجسدية، تقديم المساحة الضرورية بحدّ أدنى من الكلفة وحدّ أقصى من الفعاليةن واستخدام المواد المعاد تدويرها والمواد الجديدة المستندة إلى الطاقة الرمادية المنخفضة وانبعاث ثاني أكسيد الكربون المنخفض ودورة حياة طويلة.
هذا وقد شاركت9 مشاريع من بين المشاريع الـ12 في مسابقة جائزة العقل الأخضر التي وصلت حاليًا إلى مرحلة الاختيار الأخير، حيث تقدَّم73 مشروعا على 204مشاريع، تمّ تقديمها من 12 بلدًا مختلفًا، على أن يتمّ بعد أسبوعين اختيار أفضل ثلاثة مشاريع في كلّ من فئات المسابقة الـ10.