خوري في افتتاح العام الدراسي في الجامعة الأميركية في بيروت: من اولويات السنوات المقبلة إنشاء صندوق ب100 مليون دولار للحصول على أفضل الطلاب

افتتحت الجامعة الأميركية في بيروت عامها الدراسي الجديد في إحتفال رسمي أقيم في قاعة "الأسمبلي هول" في حرم الجامعة، ترأسه رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري، في حضور رئيس مجلس الأمناء الدكتور فيليب خوري ووكيل الشؤون الاكاديمية الدكتور محمد حراجلي وعمداء الكليات وبعض أعضاء مجلس الأمناء ونواب الرئيس وبعض اساتذة الجامعة والعاملين فيها وطلاب ومهتمين.

خوري
بعد دخول الموكب الرسمي المؤلف من الرئيس وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس وأعضاء مجلس الأمناء، استهل الاحتفال بالنشيد الوطني، ليتكلم بعد ذلك خوري ملقيا خطابا بعنوان "حياة في العالم"، فيقول: "اليوم، لدينا امتياز وعلينا مسؤولية الانطلاق نحو عام دراسي سيكون أكثر طاقة ونجاحا وإثارة للجدل، بعد العام الدراسي الذي انتهى للتو وأنجز الكثير فيه بنجاح، ومع ذلك، بطريقة ما، يبدو الكثير غير مكتمل".

أضاف: "تغطي الضوضاء الحالية المثارة حول الهجرة الذاكرة المؤسسية لارتقاء أميركا إلى الأولية العلمية في منتصف القرن العشرين، مدفوعة بهجرة الأقليات الخلاقة والمبدعة الساعية إلى الهروب من القومية العرقية ذاتها التي نشهدها اليوم. إن فانيفار بوش، مستشعرا هجرة أمثال آينشتاين وفيرمي إلى أميركا في فترة ما بين الحربين العالميتين، قد قام بوضع تصميم المؤسسة الوطنية للعلوم، والمعاهد الوطنية للصحة. وفي غضون عشرين عاما، أصبحت الولايات المتحدة قائدة العالم في مجال الاكتشافات العلمية بالإضافة إلى القوة العسكرية".

وتابع: "اليوم، أميركا التي تعتمد بشكل غير متناسب على الطلاب وخريجي الدكتوراه الدوليين لتسريع مهمتها البحثية العلمية وعصرها التكنولوجي والصناعي، قد تجد تناقصا في عدد هؤلاء الطلاب. وتواجه الولايات المتحدة سياسات لا تقتصر فقط على ثني المهاجرين عن الهجرة إليها من الدول الست ذات الأغلبية المسلمة والمحددة في قرار الرئيس ترامب حظر السفر، ولكن هذه السياسات تمكنت أيضا من ثني الكثيرين عن الهجرة من الشرق الأقصى والشرق الأدنى وبعض أجزاء من إفريقيا إلى الولايات المتحدة لمتابعة الدراسات العليا ودراسات ما بعد الدكتوراه، الولايات المتحدة التي فتحت ذراعيها في يوم من الأيام لأكثر اللاجئين عرضة للخطر".

واردف: "لكن الجامعة الأميركية في بيروت مختلفة. نحن نعيش ونقود ونجسد رقعة من التنافر الخصب في الشرق الأوسط، منذ 152 عاما، عندما أسس المبشرون البرسبيتريون الجامعة الأميركية في بيروت كالكلية السورية الانجيلية. نجحت الجامعة في نشر التعليم العلماني والليبرالي أكثر من نجاحها في تحويل القناعة الدينية. واستفادت الجامعة من وجودها بين سكان ليبراليين ومتنوعين لتصبح رائدة عالمية في التعليم الاشتمالي. ضربت الجامعة خلال الحرب الأهلية ولكنها لم تنحني بل خرجت تدريجيا أقوى، مع دورها كمعقل بارز للتعليم العالي في العالم العربي، مع الحفاظ على روح التعليم الليبرالي فيها. مجال واحد لا يسعنا المساومة عليه وتجيده الجامعة الأميركية في بيروت، هو تبديد الأوهام التي تغذي الخوف من الآخر. نحن نقبل الطلاب من كل ألوان الطيف السياسي، وكل الخلفيات الدينية، و22 في المئة من طلابنا هم طلاب دوليون. ومع أن العديد من خريجينا يبقون على القناعات السياسية والدينية التي أحضروها معهم إلى الجامعة، إلا أن احتمال إيمانهم بالمواجهات العنيفة أقل بكثير، بعد تجربة في الجامعة الأميركية في بيروت، وهم أكثر قبولا للأفراد الذين يختلفون عنهم في كل شيء. لقد حملت العديد من الجامعات في أوروبا لواء التعليم الاشتمالي كأداة للترقي بين الطبقات الاجتماعية وللتماسك المجتمعي، مع التركيز على التمايز من خلال التنوع".

وقال: "طوال أكثر من ثلاثة عشر عام في مهنتي السابقة في جامعة إيموري، قدنا توظيف خمسة وتسعين عضوا في الهيئة التعليمية، ولم أقلق أبدا بشأن خلفية الفرد، باستثناء ما يتعلق بالقدرة والشخصية والملاءمة".

وأشار الى أن "الكثيرون من جيلي في العالم العربي ينظرون إلى اوروبا بحرارة أقل من نظرتهم إلى الولايات المتحدة، وجزء كبير من السبب هو تاريخ أوروبا الاستعماري، وهو مصدر للاشتباه والازدراء بين المستعمرين حديثا ولسبب وجيه. كان الحلم الأميركي سائدا حتى بين الشباب العرب الذين لم يمنعهم ازدراءهم للسياسة الخارجية الأميركية من الإعجاب بالولايات المتحدة التي كانت تتعامل بصدق مع ماضيها العنصري من أجل صياغة مستقبل أكثر قبولا وأكثر اشتمالا وتنوعا اثنيا وتعددا ثقافيا".

وأضاف: "كانت هذه أميركا التي كبرت وأنا أحلم بها، وليس أميركا المتزمتة، غير المكترثة، المتقوقعة في داخلها بشكل متزايد والتي شاهدناها أخيرا".

ثم قدم خوري التماسه للاشتمالية، استنادا إلى ملاحظاته خلال عمله، وقال: "تسمح لك الاشتمالية باختيار وقبول ورعاية وإطلاق الأفضل والألمع، الأشخاص ذاتهم الذين يمكن أن يساعدوك لضمان الوصول إلى عالم أفضل وأكثر عدالة وعدلا واشتمالا. في الواقع، أظهرت البيانات الحديثة من المدن والبلدات الأمريكية التي شهدت زيادة في الهجرة، انخفاضا في معدلات جرائم العنف، على الرغم من الإعلان عن الجرائم النادرة التي ترتبط باللاجئين والأجانب غير المسجلين، في بلادهم وفي الولايات المتحدة، هؤلاء الأشخاص يجلبون الدفع، والتنوع، فضلا عن العطش الواضح لغد أفضل".

وتابع: "مثل آينشتاين وفيرمي والعديدين قبلك، هاجرت إلى الولايات المتحدة وأصبحت مواطنا لتلك الأرض العظيمة، مساهما بسخاء في رأسمالها الثقافي والأكاديمي. لذا اسمحوا لي أن أقول، وأنا نفسي مواطن أميركي، أعطونا المزيد من المهاجرين رجاء، سيد ترامب. وكمواطن لبناني أقول الأمر ذاته للجنرال عون. إن مستقبلنا كجنس بشري، وليس فقط مستقبلنا العلمي، الذي تهدده بشكل كبير تراجعٌ في التعليم المدرسي والأحداث، مستقبلنا كجنس بشري في المجالات الحرجة في العلوم الإنسانية والمجالات الحيوية للعلوم والهندسة والطب، يوحي بقوة بأن تثبيط مجموعة واحدة من الوصول إلى حلمهم يمكن أن تكون له عواقب أوسع بكثير من تلك التي قد يبتغيها المرء. بالتأكيد يعتمد لبنان ومستقبل العالم العربي أيضا على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي ستسمح بحدها الأدنى. هذه هي أنواع الإصلاحات التي ستسمح لأبناء الأمهات اللبنانيات أن يصبحوا مواطنين لبنانيين بالكامل، بحيث يمكن لهذا البلد الصغير أن يحفظ ويحضن ويمكن المزيد من أفضل وألمع ما لديه".

وأكد أن "إحدى الأولويات في السنوات القادمة هي إنشاء صندوق بقيمة 100 مليون دولار للحصول على أفضل وألمع الطلاب من لبنان وفلسطين وسوريا والعراق لبدء الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت للتواصل معا كقادة".

وختم: "نحن ملتزمون جمع هذه الأموال، مجلس الأمناء وأنا، حتى يتمكن هؤلاء الأشخاص من خلق حياة أكثر وفرة وأقوى وذات معنى".

بعد خطاب خوري، كان خطاب السير فريزر ستودارت، الحائز جائزة نوبل، وهو كيميائي مرموق ولعب دورا رائدا في تطوير الجزيئيات المتشابكة ميكانيكيا والتي تؤدي إلى تصميم وتوليف الآلات الجزيئية مع تطبيقات لا حصر لها في الصناعة والصحة والطب وحماية البيئة والعناية الشخصية والتغذية، وغيرها. تحدث ستودارت عن تجربته في "جامعة الحياة"، ونصح الشباب في الحضور حول كيفية مواجهة الفرص والعقبات التي تنتظرهم في حياتهم. وقال: "الحياة ليست وعاء من الكرز. إن الاحتمالات هي أنكم سوف تجدون أنفسكم في مناسبات يبدو فيها أن كل شيء ضدكم، وهذا هو الاختبار الحقيقي".

واختتم الإحتفال بنشيد الجامعة "الألما ماتر".