مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية اختتم محاضراته بأيام الحرير في لبنان

افتتح الندوة مدير المركز الشاعر هنري زغيب مركزا على "دور الحرير في الدورة الاقتصادية والاجتماعية اللبنانية بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر واندلاع الحرب العالمية الأولى، وما كان للحرير من أثر في رفع الدخل الفردي، وفي ازدهار المواصلات البحرية بين بيروت ومرسيليا ما أدى إلى توسيع مرفأ بيروت، ونشوء شركات نقل بحري، وكونتوارات مالية للتسليف، وظهور أول مصرف في لبنان سنة 1912، واستطرادا بادر تجار فرنسيون موسرون من ليون إلى دعم فرع لجامعة ليون في بيروت فتأسست سنة 1875 الجامعة اليسوعية الحالية".

وسردالدكتور بطرس لبكي "العناصر التي بفضل الحرير غيرت وجه لبنان الاقتصادي والسياسي، بتوجهات جديدة ناجمة عن تحول متصرفية جبل لبنان إلى حركة شبه كاملة من النشاط الصناعي بازدياد الطلب على الحرير اللبناني، منذ تأسيس أول معمل في غزير سنة 1820، ثم معمل بورتاليس في بتاتر، فمعمل غوردان سكوت في شملان، وتتالي نشوء المعامل والكرخانات حتى بلغت 183 كرخانة عشية الحرب الأولى، ما ولد الاقتصاد النقدي والسلعي، ودخول المرأة اللبنانية حقل العمل، وازدياد فرص العمل حتى بلغ الرقم نحو 150 ألف لبناني ولبنانية في معامل حل الشرانق وغزْل الحرير، وظهور الملكية الصغيرة والتجار والسماسرة والوسطاء والممولين، وبروز فئة فلاحية مستقلة عن كيان المقاطعجيين، وميل بعض المجتمع من إقطاعي إلى راسمالي، ونشوء نُخَب جديدة في جبل لبنان حلت محل المقاطجية، وبدأت تنمو منذئذ بذور الديمقراطية، وتزدهر المدارس ويتسع التعليم مع تنامي الإمكانات المالية وقدرة المواطنين على احتمال الأقساط المدرسية بفضل الدخل المتزايد من إنتاج الحرير" .

ليون

وركز مدير مكتب الحرير سابقا ميشال ليون على أن "الحرير في لبنان مرفقا إنمائيا، خصوصا بعد إنشاء مكتب الحرير أول مصلحة مستقلة في تاريخ لبنان، بموجب قانون 11 شباط 1956 وفي مادته الثانية: "غاية المكتب إنماء زراعة التوت وتربية دودة الحرير وتخنيق الفيالج وحلها والاتجار بها"، وورد في مادته السابعة: "يحدد مجلس إدارة المكتب السعر الأدنى للكيلوغرام الواحد لكل من موسمَي الفيالج الخضراء في لبنان"، فكان المربُون يبيعون انتاجهم من مكتب الحرير الذي يدفع نقداً ثمن الفيالج. وبذلك كان مكتب الحرير اول مؤسسة عامة حلت مشكلة الانتاج الزراعي عن طريق تحديد السعر العادل وتأمين التصريف. وقام مكتب الحرير بمهامه فمنع قطع شجر التوت واستورد من اليابان اصناف توت مؤصلة ذات انتاجية عالية من ورق التوت ومواصفات بيولوجية وغذائية جيدة فأنتجها في مشاتله وعممها في كل لبنان مجانا على المزارعين".

تابع:"قام المكتب في إنشاءاته في كفرشيما مصنعا آليا لحل الفيالج عام 1966، مؤمِنا بذلك 30% من حاجة مصانع النسيج والمحترفات في لبنان من خيوط الحرير. وعشية 1975 كان عدد مربِي دود الحرير بلغ أكثر من ثلاثة آلاف شخص، قارب انتاجهم السنوي نحو 115 ألف كلغ من الفيالج ، فجعل المكتب من قطاع الحرير في لبنان مرفقا إنمائيا ذا جدوى على جميع الصعد:البيئي والزراعي والاجتماعي والاقتصادي والصناعي".

عسيلي
وأعطى جورج عسيلي في مداخلته لمحة عن تأسيسه متحف الحرير في بسوس وهو "متحف بيئي ليكون حيز للذاكرة ويبقي على صناعة الحرير في لبنان". وأَعطى إحصاءات عن هذه الصناعة فقال: "إن صنع ربطة عمق واحدة تحتاج إلى 110 شرانق، وصنع قميص يحتاج إلى 630 شرنقة، وصنع كيمونو حرير يحتاج إلى 8000 دودة قز تأكل 65 كلغ من ورق التوت".

وروى أن "النسوة في المعامل كن يضعن البذور في كيس يعلقنه في أعناقهن ويتدلى على صدورهن لأن دفء الجسم كان يؤمن الحرارة الكافية لتفقيس دود القز. ومن إحصاءاته أن العمل في كراخين الحرير كان حتى 1850 مقتصرا على الرجال ثم دخلته النساء فبلغن سنة 1880 نحو 12 ألف سيدة وصبية. وقد بلغ عدد أشجار التوت مع مطلع العشرين نحو 3 ملايين و600 ألف شجرة".

وإبان المداخلة عرض فيلم قصير من متحف الحرير في بسوس عن رحلة خيط الحرير منذ بيضة الفراشة حتى النول.

مرايا التراث
وفي ختام الندوة تم توزيع العدد الثاني من مجلة "مرايا التراث" التي يصدرها مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأميركية وهو عدد خاص عن" لبنان في الأرشيف الوطني والدولي"، يضم 14 دراسة عن المحفوظات اللبنانية لدى مراجع محلية ودول أجنبية ذات علاقة بلبنان.