محاضرة عن حقوق الإنسان للقاضي جان فهد في جامعة الروح القدس


افتتحت المحاضرة بالنشيد الوطني اللبناني وألقت كلمة التقديم ماريا قاموع ثم كانت كلمة ترحيب لعميد الكلية الأب طلال هاشم الذي شدد على أن "حقوق الإنسان، لا بل الإنسان بكليته، هو جوهر وصلب رسالة كليتنا التي تسعى إلى تعزيز هذه الثقافة لدى شاباتنا وشبابنا لكي يكونوا القدوة في المجتمع".

ورأى "أن الحديث اليوم، عن واجبات رجال القانون يكتسب أهمية خاصة نظراً لكونكم – أعزائي الطلاب – على مسافة قاب قوسين من التخرج ودخول معترك الحياة العملية: فسلاح المعرفة وحسن الأخلاق وحده الكفيل بنجاحكم".ثم حاضر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الذي رأى في كلمته أنه "مهيب أن نتكلم عن حقوق الإنسان في مناسبة تخرج الدفعة الأولى من طلاب مركز حقوق الإنسان التابع لكلية الحقوق، وقد كان هذا الموضوع في جوهر دراسة هؤلاء الطلاب طوال الفترة المنصرمة" مؤكدا أن "هذا الصرح بالذات، في جامعة "الروح القدس"، اسمها مرادف لحقوق الإنسان..." وأشار فهد إلى أنه "يمكننا أن ننظر إلى حقوق الإنسان من وجهتين: وجهة نظر المستفيد منها، ووجهة نظر الملزم بها. فهي من الوجهة الأولى مجموعة من الامتيازات والضمانات المستحقّة لكل شخص لمجرد كونه إنسانا. وهي من الوجهة الثانية مجموعة مسلمات يقرّ بها الجميع لما للإنسان من قيمة أساسية وكرامة أصيلة لصيقة بشخصه". وأضاف: "ويترتب على ذلك أنه لا يمكن أن تكون هذه الامتيازات والمسلمات موضوع تعرض من الغير، كما أنه لا يمكن حتى للإنسان نفسه أن يتنازل عنها وإلا يكون كمن يتنازل عن إنسانيته". وعن دور لبنان في موضوع حقوق الإنسان قال فهد: "إن للبنان إرثا ضاربا في قلب التاريخ على مستوى المساهمة في ابتداع مبادئ حقوق الإنسان وتكريسها". ثم تحدث عن الرجالات الكبار اللبنانيين الذين طبعوا البشرية جمعاء في ما يخص حقوق الإنسان ومنهم "أولبيان" و"بانيان" اللذين أدخلا الأجانب في إطار المواطنة مع ما تعطيه من حقوق وواجبات وحريات عامة وشخصية. وهذا المنحى الأخلاقي الإنساني الكوسموبوليتي لفكر "ألبيان" هو نتاج لفلسفة "زينون الرواقية" التي كانت مزدهرة في مدينة صور ومسيطرة، كمذهب، على مدرسة الحقوق في بيروت "مرضعة العلوم القانونية". كما لفت إلى "أن الإمام الأوزاعي هو ابن "بعلبك" الذي فاض إنسانية وانفتاحا وعدلا وحرصا على الآخر، واستقرّ إلى أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو السلم، وأن أسسه الوطيدة هي المساواة والتعاون والتآلف والعدالة وحماية الفضيلة بين الناس جميعا وهي تفرض تراحما بين الناس تجعلهم يتمتعون بحقوقهم المشروعة.ورأى فهد "أن لبنان عانى، بواسطة شارل مالك، في الأمم المتحدة، ليثبت كرامة الإنسان، وحقوقه، وحرياته الأساسية، في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وكان واضحا إصراره على المادة 18 التي تنصّ على حرية التفكير والضمير والدين، والمادة 20 التي تنصّ على حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية وعدم إكراه أي إنسان على الانضمام إلى جمعية ما، والمادة 26 التي تنص على حق الإنسان في التعليم". وعن دور القضاء في موضوع حقوق الإنسان لفت فهد إلى "أن القضاء يلعب دورا أساسيا في حماية المتظلم من التعديات على حقوقه، فهو الملاذ الأخير لكل مظلوم. تشهد التقارير المرفوعة عن عمل القضاء في لبنان من قبل المنظمات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان على العدد الكبير والهام من القرارات الصادرة في موضوع حقوق الإنسان. تتناول هذه القرارات قضايا مختلفة تتعلق كلها بالحقوق القضائية والمدنية والسياسة كالحرية الشخصية، وحقوق الدفاع، وقرينة البراءة، وحقوق السجين، ومناهضة التعذيب، والإقرار بمبدأ مدعاة الدولة بشأن المسؤولية عن أعمال القضاة والحريات الخاصة، وحرية المعتقد، ومناهضة العنف ضد المرأة والطفل، والمساواة دون تمييز عرقي أو فئوي". وشدد فهد على أن "لا خلاص للبنان، أو بقاء له، إلا بإحياء تراثه عبر تقوية الإيمان العقلاني المنفتح المتسامح المتصالح مع نفسه ومع غيره المولّد للألفة الاحترام المتبادل بين جميع أبناء هذا البلد، وأيضا عبر الحفاظ على سر هذا البلد المكنون المتمثل بالحرية وروح الاحترام، لأن لبنان التراث هو الملاذ والمتنفس للحياة بحرية واحترام". وخلص إلى أننا "نحن كلبنانيين بحاجة لأن نعي جسامة المسؤولية التي يلقيها ما ذكر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فنحيا حياة "الشراكة والمحبة"، شراكة على مستوى "الآلام والآمال" بسريرة صادقة أمينة تفيض بمحبة تجعل الواحد منا ينظر إلى شريكه في هذا الوطن نظرة الحريص المعتني الذي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ..."

ثم وزّع الأب هاشم والقاضي فهد الشهادات على الطلاب الذين شاركوا في جميع محاضرات حقوق الإنسان، كما قدّم الأب هاشم ميدالية الجامعة لفهد.