إفتتاح مؤتمر التعليم العالي في العالم العربي وكلمات دعت الى التوافق بين المحتوى العلمي والمطلوب في سوق العمل ورصد بنية التطور
إفتتحت "الاكاديمية العربية للعلوم"، مؤتمرا بعنوان "التعليم العالي في العالم العربي: بناء ثقافة الابتكار وريادة الاعمال"، بدعوة من "اليونسكو"، في فندق "جوفينور روتانا" في الحمرا، في حضور اكاديميين ورؤساء جامعات ومفكرين من الدول العربية وعدد من البلدان الاجنبية. وتستمر اعمال المؤتمر يومين.
الحمامي
بداية، كلمة ترحيب للسكرتير العام للاكاديمية الاستاذ في الجامعة الاميركية في بيروت البروفسور الياس بيضون، ثم تحدث مدير مكتب اليونسكو التعليمي للبلاد العربية حامد الحمامي، فأشار الى "التغييرات التي طالت نظم التعليم العالي في العالم"، لافتا الى "التحديات التي تواجه التعليم العالي في العالم العربي والتي وضعت القطاع تحت ضغط كبير"، معتبرا "ان هذا الامر يعود بالدرجة الاولى الى الزيادة السكانية في البلدان العربية خصوصا بين المجتمعات الشابة".
ورأى "ان الجامعات العربية تخرج 90% من التلامذة، الا ان هناك عددا كبيرا من الطلاب العرب الذين يحصلون على شهاداتهم في الدراسات العليا في جامعات اجنبية"، داعيا الى "تحقيق استراتيجيات تعاون في منطقتنا العربية بين الجامعات ومؤسسات البحث والقطاع الخاص".
مولا
من جهته، اشار رئيس جامعة بترا في الاردن مروان مولا، الى التحديات التي تواجه الجامعات والدراسات العليا في بلده وفي سائر البلدان العربية.
غدار
وألقت السفيرة الاممية سلوى غدار يونس كلمة قالت فيها: "ما جئتكم خبيرة تربوية، ولا انا بينكم استاذة جامعية، لكنكم منحتموني شرف التحدث اليكم بصفتي سفيرة أممية، ورئيسة مؤسسة "مبادرات الدكتورة سلوى غدار يونس للتنمية الانسانية"، التي آمنت بأن مواكبة العصر والتطور يجب ان تبدأ مع الاجيال الصاعدة التي تعتمد عليها الامم في المستقبل، لتكون رائدة في مختلف المجالات الانسانية والثقافية والعلمية، لذلك وضعت نصب عينها اهمية التعليم العالي لهؤلاء الاجيال بوصفه محفزا رئيسيا للنمو المستدام والشامل لتحقيق الابداع والابتكار في عالمنا العربي".
اضافت: "التعليم العالي هو القائد والموجه في الامم المتطورة، وهو خادمها في آن معا وهو حق متاح لا يجوز ان يحتكره فرد او ان تستولي عليه أمة او دولة. ولا يكون علما رائدا ونافعا ما لم يكن حصيلة عقل جماعي ونتيجة ابحاث مؤسسات علمية يصوغها الفرد بشكل تتناسب مع الفهم العام".
واشارت الى "ان التعليم العالي في عالمنا العربي له علاقة وثيقة باعتماد المنهج العلمي والبحثي الجيد، ليستطيع نقد وتوجيه السياسات التعليمية العامة، لان ميزة التعليم تكمن في وجود النخب الفكرية والعلمية التي تستطيع التغيير والتأثير في الجامعات لمراجعة اهدافها ومهامها وحثها على ايجاد برامج تتأقلم مع حاجات المجتمع والوضع الاقتصادي، وما السعي لايجاد القواسم المشتركة بين الجامعات والمؤسسات الجامعية الا لخلق فرص تتكامل فيها تطلعات الاجيال الصاعدة وحاجات البلاد وقدراتها الاقتصادية والاجتماعية".
وقالت: "ان الجامعات ونظام التعليم العالي في لبنان يتميز ببرامج غنية ومتنوعة تضم كما كبيرا من المناهج والبرامج الاجنبية سواء في العلوم الطبية والهندسية او اللغات والثقافة والتاريخ ما يؤدي الى تأهيل طلابنا للسير جنبا الى جنب مع طلاب الدول المتقدمة علميا وصناعيا، كأوروبا واميركا والصين، فخرجت هذه الجامعات الوطنية اطباء وخبراء صحة ومهندسين ساعدوا في نهضة العالم العربي، كذلك هناك الباحثون في العلوم الانسانية الذين شكلوا نواته الفكرية، بالاضافة الى خلق مساحات نابضة بالحياة تشمل فنون السينما والمسرح والادب".
وتابعت: "مما لا شك فيه اننا لا نستطيع عزل منظومة التعليم العالي في لبنان عن المشروع العربي للنهضة والابداع ليبقى التعليم العالي في العالم العربي ولبنان منارة ابداع وثقافة. فلا بد من وضع اسس سليمة لضمان الجودة في التعليم الجامعي الذين تلتقون اليوم من مختلف انحاء العالم العربي تحت عنوانه سعيا منكم لاطلاق ورشة وطنية لحماية مستوى التعليم ومراجعة دقيقة لمدى التوافق او عدمه، بين المحتوى العلمي الجامعي، والمطلوب في سوق العمل، اضافة الى رصد التغيرات في بنية التطور العلمي والاقتصادي".
اضافت: "كلما انتشر الابداع ضمن منظومة التعليم العالي كلما اتجهنا الى المزيد من التغيير والتطوير في نظام التعليم الاكاديمي وبنيته، وفي تعزيز الثقافة المؤسساتية للابتكار الذي يعزز الابداع ويحفز على العمل والانفتاح عليه، ولا بد في هذا المجال من إعادة النظر في الحوافز والمكافآت المعطاة لاعضاء هيئة التدريس الجامعي، وكذلك السعي لاشراكهم في دورات تدريبية لمعرفة استخدام التقنيات التعليمية الحديثة، والتعاون بين الجامعات لتحسين اداء مهماتهم العلمية".
وختمت: "في الخلاصة، أظهر نظام التعليم العالي في لبنان نجاحا كبيرا عبر العقود الاخيرة، فأمن فرصا تعليمية متقدمة للشباب العربي واللبناني الطموح، لكنه في المقابل أفرغ طاقات ومهارات عالية في كثير من البلاد العربية، اذ ان البنية الاقتصادية والسياسات المحلية في الدول العربية لم تكن قادرة على استيعاب كل هذه الطاقات. وختاما اقول ان اهمية التعليم العالي تنطلق من دوره الاساس في النمو المستدام والشامل، وتحقيق فهم افضل للتطورات التي تؤثر في التعليم العالي وتطوره لما يخدم الانسان ومسيرة حضارته وتحقيق انسانيته".
بدران
بدوره توجه رئيس الاكاديمية العربية للعلوم عدنان بدران بالشكر الى "كل من ساهم في عقد المؤتمر اليوم لا سيما اليونسكو"، مشيرا الى "تدني واقع التعليم العالي في البلدان العربية"، متسائلا: "ماذا فعلنا نحن ازاء ذلك؟".
ودعا الى "تطوير التعليم العالي في الجامعات"، مشيرا في هذا الصدد الى سبل التعليم المتطور في عدد من جامعات الغرب لا سيما الجامعات الاميركية.
وثمن بدران "المكانة العالية التي وصل اليها رئيس مؤسسة طلال ابو غزالة"، معتبرا "انه بنى نفسه من لا شيء بعد ان هاجر وعائلته من فلسطين ليصل الى بناء امبراطورية بحجم العالم العربي والعالم".
ابو غزالة
وتحدث رئيس مؤسسة ابو غزالة للملكية الفكرية طلال ابو غزالة، فثمن موضوع المؤتمر المنعقد، داعيا الى "أن نكون مرشدين لطلابنا كي يتعلموا". ودعا الى "خلق المبدعين من خلال الاختراعات وليس الامتحانات".
وشدد على "ضرورة ان يكون الخريجون من المدارس الثانوية والجامعات مخترعون يؤمنون سبل العمل للغير بدلا من ان يكونوا هم من يبحثون عن العمل".
ولفت الى "ضرورة خلق المعرفة سبيلا لخلق الغنى وان تكون انظمتنا التعليمية انظمة معرفة"، مشددا على "حاجتنا الى مدارس وجامعات للمعرفة". وقال:" انا لا ادعو الى التعليم للجميع، بل ادعو للمعرفة من اجل الابداع".
وشدد على "ضرورة ان يصبح الاساتذة مرشدين تقنيين لاولادنا وليسوا مجرد محاضرين، وعلى ضرورة ان نتحرك بشكل أسرع نحو التعليم الخلاق".
وأشار الى "ان مؤسساتنا التعليمية لديها هدف واحد وهي انتاج باحثين عن الوظائف في عالم اليوم"، وسأل: "هل نحن نحضر تلامذتنا لساحات العمل في المستقبل؟".
ورأى "انه من غير المقبول ان يستمر الاساتذة بإلقاء المحاضرات على التلامذة الذين لديهم عقول وحاجات مختلفة وقدرات متنوعة واهداف مغايرة للاخرى، وان يتم إعطاؤهم منهجا موحدا".