مؤتمر في جامعة الكسليك عن التعليم والتوظيف الجمال ممثلا حمادة:الأهم هو بناء طالب مستقل قادر على تغيير مسار عمله
نظمت جامعة الروح القدس - الكسليك، مؤتمرا بعنوان "نحو تعليم وتوظيف قويين... رؤية جديدة للتعليم"، جمع مسؤولين تربويين، أصحاب عمل أكاديميين ومؤسسات حكومية معنية لتسليط الضوء على تحديات التعليم العالي في تحسين تجربة الطلاب التعليمية والتعرف على مشاكل التوظيف الحالية والمستقبلية، في حضور المدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي أحمد الجمال ممثلا وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال هاشم، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية الدكتور جورج يحشوشي، العميد السابق لتعزيز الجودة الأكاديمية في جامعة تشستر في بريطانيا البروفسور جثرو نيوتن، مدير مدارس الرهبانية اللبنانية المارونية الأب يوسف سليمان، مدير مكتب التوجيه في الجامعة نسيب قزي وعدد من مدراء مختلف المدارس اللبنانية وممثليها والعمداء والأساتذة.
قزي
بداية، تحدث مؤكدا أنه "من شأن البيئة السليمة وحدها التي تتعاطى مع الطالب على أنه إنسان، أن تضمن المستقبل الزاهر. من هنا، نضع جميع الوسائل المتاحة بتصرف أساتذتنا لننجح في إنجاز رسالتنا. وفي جامعة الروح القدس، نزرع مواهب طلابنا ونزودهم بالثقة والتعاطف والفرح لينجحوا ويفرضوا أنفسهم في العالم. طلابنا هم أولويتنا، ولا ندخر أي جهد لنوصلهم إلى بر النجاح والتميز. ونحن نعلم أن لكل طالب قدرته الخاصة وهدفنا هو أن نجعله يكتشفها ويطورها، وعلى هذا الأساس بنينا برنامج التوجيه لدينا، الذي يمتد لأربع سنوات، والذي يقوم بدور أساسي في هذا الإطار".
يحشوشي
وكانت كلمة لنائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، قال فيها: "نشهد اليوم على نقلة نوعية في التعليم والتعليم العالي، وهي نقلة ضرورية لأسباب عدة، أولا، وجود جيل جديد من المتعلمين وربما فجوة بين المعلم والمتعلم، وثانيا، وجود اقتصاد جديد يفترض الإبداع والابتكار لتحقيق القيمة الاقتصادية. ومن الواضح أن نموذج التعليم التقليدي لم يعد مناسبا في أيامنا هذه. إذ تقوم مؤسسات التعليم التقليدي بإحضار طلاب مع اختلافات فردية، ونسب ذكاء متفاوتة، وتعددية ثقافية، وفضول وشغف وإبداع، وتضع كل ذلك في آلة وتحوله إلى مهارات توظيفية تتناسب وحاجات سوق العمل. إذا، يتعلق الأمر هنا بتعليم موجه نحو التوظيف الذي يحضر الطلاب لملاءمة فرص العمل المتاحة، في حين أن التعليم الموجه نحو ريادة الأعمال يحضر الفرد ليأخذ على عاتقه خلق فرص عمل جديدة".
نيوتن
ثم ألقى نيوتن محاضرة بعنوان "تحسين مؤهلات الطالب عبر قابلية التوظيف: دور الجامعة المعاصرة"، ركز فيها على "ضرورة تبني الجامعات المعاصرة استراتيجية تحسين قابلية التوظيف لأن المتخرجين الذين يملكون مهارات توظيفية عالية هم شرط للرفاهية الاقتصادية والاجتماعية ولأن الحكومات تفرض على الجامعات أن تعزز مهارات خرجيها ليحجزوا لأنفسهم مكانا في السوق العالمية. وفي هذا الإطار، على الجامعات اتخاذ جملة من الخطوات: تعريف أصحاب العمل على مهارات طلابها، خلق فرص للطلاب لزيارة أصحاب العمل المحليين ونسج شبكة تواصل معهم، دعوة أصحاب العمل للحديث عن فرص العمل والمهن الناشئة... ومن هنا، يعتبر إلتزام صاحب العمل مكونا أساسيا لنجاح استراتيجية تحسين قابلية التوظيف. ومن واجب السلطات المحلية أن تدعم هذه الاستراتيجية وبنيتها التحتية لاسيما وأنها شرط أساسي لمراقبة آداء المؤسسات وفعاليتها".
الأب حبيقة
وألقى رئيس جامعة الروح القدس - الكسليك كلمة أشار فيها إلى أن "جامعة الروح القدس، منذ تأسيسها، اعتمدت استراتيجيات تهدف إلى تمكين الطالب اللبناني من الوصول إلى مرحلة التعليم العالي ومتابعتها بالرغم من الصعوبات والعوائق المادية، وذلك من خلال: اتباع سياسة عادلة للرسوم تأخذ بالاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحلية، توفير مساعدات مالية للطلاب الذين يواجهون صعوبات مادية وللعائلات التي لها أكثر من فرد مسجل في الجامعة، وتقديم منح دراسية للمتفوقين المتخرجين من المدارس ولطلاب الجامعة المتفوقين أيضا".
أضاف: "تبنت جامعة الروح القدس- الكسليك، بهدف المحافظة على نجاحها ورؤيتها لتكون جامعة عالمية، إطار حوكمة مشترك جديد، حيث قامت الرهبانية اللبنانية المارونية بتعيين مجلس الأمناء يضم قادة معروفين على الساحة الدولية، غرضهم دعم رسالة الجامعة والحفاظ على جهودنا لتأمين مستقبل أفضل لطلابنا وتلبية أفضل معايير الجودة. ولعل أهم ميزة يتسم بها نظام التعليم العالي الأميركي هو مرونته التي تتمثل بعدد الاختصاصات وتنوعها. إلا أن هذا الجوهر الأميركي لم يلغ إرثنا الفرنسي، لا بل، نحن نحرص على أن يكون خريجونا من مختلف البرامج قادرين أن يبدؤوا حياتهم المهنية ويستخدموا اللغتين الفرنسية والإنكليزية على حد سواء".
الجمال
ونوه المدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي بالتطور الذي حصل في جامعة الروح القدس، معتبرا إياها "إحدى أهم دعائم التعليم العالي في لبنان وركائزه". وقال: "إن جامعة الروح القدس لم تواكب فقط التطور الذي يحصل على المستوى العالمي في مجال التعليم العالي وإنما أضافت إليه من نكهتها الوطنية اللبنانية ومن هذه الثقافة. اعتمد النظام الأميركي وروحية الفلسفة والنظام الفرنسي موجودة في الجامعة مع ثقافة تاريخية تعود لهذه للرهبانية اللبنانية المارونية، لتعطي ثقافة جديدة في هذه الجامعة، ثقافة لقاء وحوار أساسية لبناء طالب المستقبل".
أضاف:"إننا نتحدث في هذا اللقاء، عن محور مهم جدا وهو النهج الجديد في التعليم. إننا انتهجنا في وزارة التربية منذ العام 2007 سياسة ترتكز على تطوير معايير الجودة في مؤسسات التعليم العالي، إيمانا منا أن الاعتماد هو نتيجة. وإن الاعتماد التي حصلت عليه جامعتكم لم يأت من فراغ، بل أتى من استراتيجية ومن جهد عميق ومن رسالة ورؤية وضعتها الجامعة.
وللوصول إلى الاعتماد هناك آلية صعبة جدا ومعقدة تلزم المؤسسة والأساتذة والموظفين في الجامعة بالسير في مسار ليس بالسهل. وبالتالي نتيجة الاعتماد تعني أن الجامعة وصلت إلى أوجها على مستوى تطبيق الجودة. إن حصولكم على اعتماد الخدمات الطلابية يعني أن الجامعة خطت خطوات نحو تأمين مستلزمات حاجات الطلاب ليس فقط على المستوى التعليمي وإنما على مستوى الخدمات الاجتماعية ومستوى التوجيه ومستوى حضانة الطلاب وتأمين اللوازم الخاصة لهم، على مستوى مساعدة الطلاب... وهذا الأمر مهم جدا".
وعن التوظيف في المفهوم الجديد، قال الجمال: "عندما نتحدث مع الخبراء، يقولون إن هناك ما يزيد عن 700 وظيفة ممكن أن تزول. وبالتالي عندما نوجه الطالب نحو الوظيفة، لا يعني أننا نوجهه إلى كفايات متعلقة بمهنة محددة، وإنما إلى كفايات متكاملة تساعده في التعليم المستمر وفي بناء قدراته المستقبلية وتمكنه من تغيير حتى نوع العمل الذي يقوم به. إن إدخال ما يسمى بالمواد العامة، من ثقافة عامة ومن تواصل... مسألة هامة جدا لأنها ركيزة تساعد الطالب على الانفتاح ليس فقط على اختصاصه إنما على اختصاصات أخرى. وهناك مسألة هامة جدا عندما نتحدث عن الريادة في الأعمال وتوجيه الطلاب نحو الريادة في الأعمال، فإنني أرى أن ما تقوم به جامعة الروح القدس هو ما تقوم به الجامعة الريادية، التي تسعى إلى تأمين الأفضل لطلابها في المستقبل".
وأعرب عن سروره "بأن جامعة الروح القدس هي شريك أساسي مع وزارة التربية والتعليم العالي، في المجالس وفي اللجان الفنية والتخصصية وحتى على مستوى الخبراء عندما نكون بحاجة إلى خبراء لمساعدتنا بدراسة تطوير التشريعات والقوانين".
وقال: "عندما نتحدث عن التوظيف نتحدث عن كيفية إعداد البرامج التي تخول الطالب أن يؤمن لنفسه مستقبلا أفضل في صفوف العمل وليس بالضرورة في الكفايات فقط... أهم شيء في هذا التوجه هو أن نبني الطالب المستقل القادر على حركية دائمة لتغيير مسار عمله".
وحيا الجمال "هذه الخطوة الجديدة التي تقوم بهاجامعة الروح القدس"، لافتا إلى أنه قد شارك مرتين بتخريج دورات لاعداد أساتذة الجامعة وتأهيلهم فيها. وقال: "نحن نصر أن التربية وما يسمى برامج إعداد الاساتذة يجب أن تكون أيضا لاساتذة التعليم العالي. وهذه مسألة هامة جدا. ولو لم نتمكن من متابعة التطور على مستوى المسار العالمي لما تمكنا من الاستمرار بنقل المعرفة أو إنتاج المعرفة في جامعاتنا. وبالتالي لا يجب التركيز فقط على المهارات والكفايات المتعلقة بالاختصاص. ومن هنا أرى ان خطوة الجامعة لإدخال مواد عامة خطوة جيدة وبناءة وتصب في مصلحة الطلاب. والنقطة الثانية الهامة على مستوى الطلاب هي أيضا بالغاء التخصصية الكبيرة التي لمستها في إعداد البرامج الجديدة. عندما نخرج الطالب بتخصصية كبيرة نخشى بهذه الحركية العالمية وبهذه الحركية على مستوى سوق العمل ألا يتمكن من ايجاد وظيفة له. النقطة الثالثة التي نسعى للعمل بها بالتضافر مع جامعة الروح القدس هي مسألة الطلاب الرياديين وهناك تعاون حثيث في هذا المجال لنرى كيف نتمكن من توجيه الطلاب ليكونوا رياديين ويمكن أن يخلقوا وظائف لهم وهذا أحد الادوار الهامة للجامعات".
ورشتا عمل
ثم عقدت جلستا عمل بعنوان "حلول العالم الحقيقي"، شارك فيهما نخبة من الأكاديميين والاختصاصيين في شؤون التربية والتعليم من لبنان وخارجه.
وفي الختام، أقيم عشاء على شرف الحضور.