جامعة القدّيس يوسف في بيروت: عراقة الماضي تهندس المستقبل
جديد كليّة الهندسة ESIB في جامعة القدّيس يوسف في بيروت هو إعادة إطلاق الهندسة المعماريّة، وهو اختصاص توقّف خلال فترة الحرب الأهلية. مروحة كبيرة من الاختصاصات الهندسيّة وأحدث المختبرات ومراكز الأبحاث تملكها الكليّة، كما تعتمد على طرائق التعليم الحديث من تعلّم رقمي وذكاء اصطناعي، كذلك هي من أوائل الكليّات التي اعتمدت استراتيجية «صفر ورق» Zero Paper.
أسّس الآباء اليسوعيون الكليّة بالتعاون مع أكاديميّة ليون في فرنسا عام 1913 لتكون أوّل كليّة هندسة تتأسّس في الشرق الأوسط، ومن أوائل كليّات الهندسة في لبنان التي درَّست وأعطت شهادة في الهندسة المعماريّة وذلك منذ عام 1942.
مستوى عالمي
لم تكتفِ الكليّة طوال 106 سنوات بأن تكون الأولى فقط من حيث التأسيس، بحسب عميدها البروفسور فادي جعارة، بل تفوّقت أيضاً في مستواها التعليمي الذي مكنّها من أن تكون المركز الوحيد في الشرق الأوسط لإعداد الطلّاب وتقديم مباريات الدخول إلى جامعة البوليتكنيك الفرنسيّة، وهي أعرق جامعة في فرنسا، وهو ما حدا برئيسها إلى التصريح بأن كليّة الهندسة في جامعة القدّيس يوسف هي من الشركاء الأساسيّين لجامعة البوليتكنيك في العالم.
في هذا السياق، يكشف جعارة أن لكليّة الهندسة (ESIB) اتفاقيات معقودة مع أرقى الجامعات الأوروبية والكندية، بما يسمح للطلّاب بمتابعة دراستهم ونيلهم شهادات من هذه الجامعات، إضافة إلى مشاركة عدد كبير من أساتذة هذه الجامعات في التعليم والبحث العلميّ ضمن كليّتنا. إضافة إلى جامعة البوليتكنيك الفرنسيّة، عقدت الكليّة اتفاقاً في مجال الهندسة المعماريّة مع جامعة البوليتكنيك في لوزان سويسرا، وهي أوّل جامعة باللغة الفرنسيّة في العالم في الترتيب العالمي اليوم.
مروحة اختصاصات
للحصول على شهادة الهندسة، على الطالب أن يتابع بنجاح خمس سنوات بمعدّل ستين رصيداً في السنة، ما مجموعه 300 رصيد بحسب النظام الأوروبي (ECTS). أمّا اللغة الرئيسيّة المعتمدة فهي الفرنسيّة بالإضافة إلى بعض المواد التي تُدرَّس باللغة العربيّة وباللغة الإنكليزيّة.
ويشرح جعارة أن كليّة الهندسة (ESIB) تُوفّر أكبر مروحة اختصاصات هندسيّة في لبنان وهي: المعماريّة، والمدنيّة والكهرباء والميكانيك والاتصال والمعلوماتيّة، وهندسة الكيمياء والبتروكيمياء. وهناك تسعة برامج ماستر في الهندسة: المدنية، والمياه والبيئة، والكهرباء، والاتصالات، والطاقة المتجدّدة، والتنقيب عن البترول والغاز، والسلامة المروريّة، وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي.
أطلقت الكليّة ماستر في الذكاء الاصطناعي هو الأول من نوعه في لبنان
كذلك توفّر الكليّة برامج شهادة دكتوراه في جميع الاختصاصات الهندسيّة، وهي أوّل كليّة هندسة خاصّة في لبنان رُخّص لها بإعطاء شهادات دكتوراه وذلك منذ عام 1996. وميزة هذه البرامج وفقاً لجعارة تكمن في أنها تخوّل الطالب التسجيل في كليّتنا وفي جامعة أوروبيّة، ما يُتيح له إجراء أبحاثه في لبنان والخارج، ويحصل في النهاية على شهادَتْي دكتوراه: الأولى من جامعة القدّيس يوسف في بيروت والثانية من الجامعة الأوروبيّة.
دراسة المستقبل
أطلقت الكليّة ماستر في الذكاء الاصطناعي هو الأول من نوعه في لبنان، وأنشأت لهذه الغاية مختبراً لعلوم البيانات وللذكاء الاصطناعي يُعتبر الوحيد في لبنان والدول المجاورة بهذا المستوى. ويشدّد جعارة على أن الكليّة تضم أربعة مراكز أبحاث مجهّزة بأفضل المعدات والتجهيزات التعليميّة والتطبيقيّة والبحثيّة. أمّا التقنيّات الحديثة المُعتمدة فهي مبنيّة أساساً على تطوير الإبداع والريادة لدى طلابنا من خلال طرائق تعليميّة وبحثيّة حديثة، والذهاب أكثر نحو التعلّم الرقمي (Digital Education) والذكاء الاصطناعي الذي أصبح جزءاً من حياتنا اليوميّة.
مواكبة الكلية للحداثة لا تقتصر على الاختصاصات والمناهج، بل تتعدّاها لتشمل حياة الطالب الجامعيّة ودوامه بما يؤمّن له أقصى درجات الراحة. من هذا المنطلق يشرح عميد كلية الهندسة في جامعة القديس يوسف أنه في السابق كان على الطالب أن يحضر في الجامعة من الاثنين إلى الجمعة وبدوام كامل، أمّا اليوم، ومع تطوّر التعلّم الرقمي، بات بإمكان الطلاب الاطلاع، من منازلهم، على ملايين المراجع العالميّة. كما أنّنا اعتمدنا سياسة «Zero paper» أي «صفر ورق»، ما معناه أنّ جميع المستندات والمراجع المحليّة التي يحتاج إليها الطالب، ولأيّ وحدة دراسيّة، هي موجودة على منصّة رقميّة تُمكّنه من تحميلها مباشرة على حاسوبه، من دون الحاجة إلى طباعتها، وبذلك نُسهم أيضاً في الحفاظ على البيئة. وكلّ هذه الإجراءات مكّنتنا من تخفيض عدد أيّام الحضور الإلزامي للطالب إلى ثلاثة أيام في الأسبوع.
بيئة سليمة
يبيّن جعارة أن الكادر التعليمي يتألف من أربعين أستاذاً باحثاً متفرّغاً، وما يزيد على مئتي أستاذ غير متفرّغ، بينهم ما يزيد على عشرين أستاذاً أجنبيّاً من أبرز الجامعات العالميّة. كذلك فإنّ جميع الأساتذة المتفرّغين هم من حملة شهادة الدكتوراه ولهم نشاط تعليمي وبحثي مميّز.
ولأن التعليم السليم لا يكتمل من دون بيئة سليمة، فإن الكليّة التي تقع على تلّة مار روكز في الدكوانة ضمن حرم العلوم والتكنولوجيا، الذي يمتد على مساحة 80 ألف متر مربع، تتميّز بحجم المساحات الخضراء التي تشكل بيئة مثاليّة للنشاطات الترفيهيّة التي يُنظّمها مكتب شؤون الطلّاب. وقد تعدّت النشاطات الترفيهيّة هذه السنة ستين نشاطاً، أي ما يوازي نشاطين ترفيهيّين كل أسبوع.
يؤكد جعارة «أنّ التزام الجامعة لا يقتصر فقط على الشقّ التعليمي والبحثي، إنّما نحرص على أن تكون كليّتنا وجامعتنا صرحاً للتربية الوطنيّة وتجسيداً للبعد الإنساني لأيّ مجتمع راقٍ».
ويختم بالحديث عن «أحدث برنامج لدينا وهو «الهندسة المعماريّة» والتي ستكون مبنيّة على نفس الأسس التي ذكرتها سابقاً وهي التميّز الأكاديمي التطبيقي والبحثي العلمي والإبداع في فن العمارة بالإضافة إلى بناء الإنسان والمواطن من أجل بيئة ومجتمع أفضل».