مؤتمر في الكسليك في الذكرى المئوية الثانية لولادة المعلم التربوي دون بوسكو وتحذير من الاعلام المدسوس وانعكاساته على الجيل الناشىء

ترأس الحضور المونسنيور ارماندو بورتولوزاالساليزياني، والرئيس العام للآباء السالزيان في لبنان الأب كرمي سمعان، والأب فيتوريو بوزو، الموفد عن الآباء السالزيان في مؤسسة القديس يوحنا بوسكو، والأب عماد سمير.

كما شارك في المؤتمر التربوي لفيف من المربين والناشطين في حقل التربية، بصورة خاصة مؤسسات دون بوسكو التربوية المنتشرة على مساحة لبنان من كفرياسين، إلى الكحالة، إلى الفيدار وقرطبا، وحدث بعلبك ومؤسسة بيت حباق التربوية، وكلية الفلسفة والعلوم الإنسانية، وحشد من الطلاب والأساتذة.

افتتح المؤتمر بكلمة ترحيب ألقاها الأب كرمي سمعان شاكرا جامعة الروح القدس على احتضانها المؤتمر التربوي التكريمي في مناسة الذكرى المئوية الثانية لولادة "دون بوسكو المربي"، والراعي الصالح الذي أفنى حياته في سبيل من أحب، ونضجت ثمرة أعماله في القديس دومينيك سافيو، ولورا فيكونيا وآخرين.

وذكر الأب الرئيس كرمي سمعان أن هذا المؤتمر التربوي يندرج في إطار سلسلة من النشاطات الروحية والدينية والثقافية والتربوية، التي تقوم بها الجماعة السالزيانية في لبنان، منذ عام 2011-2012، مستحضرة عبرها الظاهرة التربوية الفذة التي يمثلها دون بوسكو.

وتلا الإفتتاح الجلسة الأولى للمؤتمر، بإدارة الخوري طوني الخوري، الذي قدم موضوع المؤتمر برؤية تربوية متقدمة، معطيا الكلام فيما بعد للأب عماد سمير، من الجامعة الحبرية السالزيانية في روما، الذي أصر على رسالة دون بوسكو التربوية، التي تجاوزت الحدود الجغرافية والإتنية واللغوية والدينية، لأنها لا تزال حاجة لأي مجتمع يقيم تربيته على أسلوب يسهم في توفير النمو والحرية، ويعزز موقع المربي في أعمال التربية على أنواعها، على أن هذا المتربي هو مواطن الغد الذي عليه يبنى الأمل في تعزيز التضامن بين أبناء مجتمع واع يدرك التواصل مع سائر المجتمعات الدينية المتعددة.

وألقى الأب عماد سمير، في مداخلته، الضوء على ما لشبكات التواصل، وللاعلام المدسوس، من انعكاسات على تربية الجيل الناشىء، ومن اضطرابات تتركها الإمبراطورية الإعلانية والإعلامية في الأذهان، مشددا على أن الحاجة لمربي يسير على خطى المعلم القديس دون بوسكو أصبحت ملحة إلى حد علنا ننقذ الأجيال عن طريقة تربية تليق بكرامة الإنسان.

ثم تحدثت عميدة كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية، البروفسورة هدى نعمة التي تناولت موضوع "التربية في وجه تحديات العصر"، وشددت في مداخلتها "على الحاجة أولا للعودة إلى الينابيع الفكرية التربوية، وعلى رأسها دون بوسكو، لنعيد إلى التربية قوتها وملكاتِها وقدراتها وأهدافها النبيلة، لتتجاوز التحديات التي تواجهها، وتقضم الكثير من مقوّماتها، وتقوّض مفعولها، مستبدلة إياه بفكر مادي هنا وبفكر أصولي بائد هناك..." [...] وعلى الحاجة إلى "تربية تطهّر الذهنيات الملوّثة" فتعالجها بشيء من الثقافة، وتزوّدها بشيء من الروحانية، فيصبح لها (أي الذهنيات)، ما يضمن للإنسانية أن يعتني بها، لا كشيء بيولوجي وحسب، إنما كروح ينظر اليها كصورة الله على الأرض".

وتابعت العميدة قائلة: "إن الخوف، كلّ الخوف، ان نبقى عاجزين عن وضع خطّة تربوية تشمل المجتمع اللبناني وتخدمه، وتدعم تميّزه، وتعزّز تفوّقه، وتردّ له هويته الرائدة في التلقي والتربي، ليبقى نموذجاً يقتدى به كيفما توجّه وحيثما عمل..."
وشملت الجلستان التاليتان مواضيع عديدة، فكان الكلام الموسّع في "الأمانة لروحانية دون بوسكو وفق تعاليم مؤسّسة راهبات بنات مريم أمّ المعونات للأخت أميرة قندس، مديرة مدرسة دون بوسكو في حدث بعلبك، حيث كان الإخلاص واضحاً وجلياً لروحانية دون بوسكو التربوية والإنسانية، كما تناول الأب الرئيس كرمي سمعان "حضور العائلة السالزيانية في العالم وفي الشرق الأوسط"، وعرّف عن حضور قلّ مثيله في العالم، مظهراً أبرز المحطّات التربوية السالزيانيّة التي تعتمد القديس يوحنا بوسكو مرجعاً لتعاليمها، ولرسالتها التربوية والإنسانية، وتقدّم الأستاذ باسم المكرزل بشهادة خاصة تعتني بتجربته الشخصيّة مع رسالة دون بوسكو التربوية... واعتبر المكرزل أنّ التحاقه كعلماني برسالة دون بوسكو يتعلّق بقراءته لعلامة الزمن التي جعلت منه واحداً من رسل دون بوسكو في خدمة الإنسان.

واختتم الأب عماد سمير، من الجامعة الحبرية السالزيانية في روما، بمقاربة التربية وفق رؤية دون بوسكو سائلاً أيّ تربية لأيّ مربين، طارحاً من جديد الإشكالية التربوية الملحّة في عصرنا، طالباً من الحضور الحوار والإصغاء لآرائهم من أجل تحضير ورقة توصيات توضع في خدمة التعزيز التربوي على خطى دون بوسكو المربي بنكهة حديثة تجمع بخلقية ونزاهة ووفاء بين الأصول التربوية لدون بوسكو ومتطلبات العصر، ليبقى للتربية نفس روحاني ينقذها من الوقوع في اليأس من تحسين الإنسانيّة.