افتتاح مؤتمر عن "الأزمات والعولمة والحوكمة: كيف تُستخلَص الدروس؟" في جامعة الروح القدس

بالتعاون مع جمعية كليات إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية والسياسية في الجامعات العربية مؤتمرًا دوليًا بعنوان "الأزمات والعولمة والحوكمة: كيف تُستخلَص الدروس؟"، حضره  ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب، ممثل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وزير الصناعة فريج صابونجيان، ممثل قائد الجيش  العماد جان قهوجي العقيد محمد حايك، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي المقدّم ادوار عيروط، ممثل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم العميد الياس البيسري، ممثل مدير المخابرات العميد الركن ادمون فاضل العقيد محمد رحال، السفير الفرنسي دوني بياتون، رئيس جامعة الروح القدس الأب هادي محفوظ، الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان ابو عرابي، عميد كلية إدارة الأعمال والعلوم التجارية في جامعة الروح القدس الدكتور نعمة عازوري، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وحشد من الشخصيات السياسية والتربوية والعسكرية والاجتماعية.

إن الفاعلين في المجتمع وصانعي القرار يأسفون بشأن الانحرافات الحالية التي يشهدها مسار العولمة كما يتضح من الأزمة المالية العالمية. لذلك يجب لفت الانتباه إلى غياب الحوكمة أو وجود حوكمة غير ملائمة للعولمة. من هذا المنظار، يهدف هذا المؤتمر إلى التطرق إلى الطرق المناسبة لإعادة خلق وتطبيق أنواع خاصة من الحوكمة في القطاعين العام والخاص، وذلك بهدف إعادة توجيه مسار العولمة بطريقة أكثر أمانا وفعالية. ويشارك فيه نخبة من رجال الاقتصاد والإدارة والسياسة اللبنانيين والأجانب.  كما سيتم طرح المشاكل الأساسية في حقل الاقتصاد وإدارة الأعمال والشؤون الإدارية والعلوم السياسية، والتطرق إلى المواضيع التالية: التنظيم الوطني للشؤون المالية المعولمة، حوكمة الشركات الجديدة، وإحياء الديمقراطية الاجتماعية.
وقد قلّد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان خلال المؤتمر البروفسور فرنك بورنوا وسام المعارف من الدرجة الأولى، تقديراً لعطاءاته من أجل لبنان.
يحشوشي
افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني، ثم كانت كلمة لمديرة العلاقات الدولية في الكلية المنظّمة ليا يحشوشي التي اعتبرت أن "الأزمات والحوكمة والعولمة تشكل المحاور الكبرى التي تجمعنا اليوم في جامعة الروح القدس في لبنان في إطار هذا المؤتمر الدولي الذي يسعى إلى الإجابة عن السؤال: كيف تُستخلص الدروس؟ في عالمٍ متعطش للحرية والتقدم حيث التنوع أصبح مؤشرًا للإغناء الثقافي، فإن القول المأثور "في الاتحاد قوة" هو أكثر ما يناسب هذا اللقاء اليوم".
عازوري
وتحدث عميد الكلية الدكتور نعمة عازوري الذي تساءل "ما هي الحلول التي يمكن طرحها في إطار الانجراف الراهن الذي تشهده مسيرة العولمة؟" معتبرًا "أن هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه في كل مكان عقب الأزمات العالمية التي هزت، مداورةً، الولايات المتحدة ودول الخليخ وأوروبا. كما يطرح الربيع العربي على حدٍّ سواء عددا كبيرا من الأسئلة من حيث اعتماد حلول سياسية أو حلول ترتبط بحقل الشركات في القطاعين العام والخاص". ولفت إلى أنه "في هذا الإطار، يتم تسليط الضوء على سوء الحوكمة أو بالأحرى غياب حوكمة لمسار العولمة. من هذا المنظار، يسعى هذا المؤتمر الدولي إلى محاولة طرح أشكال مناسبة للحوكمة من أجل إعادة توجيه مسار العولمة الحالي المثير للجدل".
أبو عرابي
من جهته، لفت الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان ابو عرابي إلى أنه "حين أقر إنشاء جمعيات الكليات المتناظرة، التي شملت كل التخصصات العلمية في جامعاتنا الأعضاء والتي بلغ عددها واحد وعشرون جمعية، أراد لها أن تكون فاعلة للاتحاد، تعمل كل في مجال تخصصها ومن خلال ما تضمه كلياتها وأقسامها العلمية من كفاءات وطاقات، لتطوير وتحديث برامجها وخططها الدراسية، ومتابعة مستجدات وإفرازات ثورة الاتصالات، ومتطلبات عصر المعرفة الذي نعيش، من خلال عقد لندوات والمؤتمرات العلمية، وتبادل نتائجها وصولا إلى تحقيق الهدف الذي من أجله أنشئت هذه الجمعيات. كما اعتبر "أن النظر فيما اعتمدته اللجنة التحضيرية كعنوان للمؤتمر والمحاور القيمة التي ستناقش خلال هذا الاجتماع يشير إلى الجهد القيم الذي بذلته الجمعية في الإعداد لهذا المؤتمر والآمال الكبيرة التي نتوخاها من لقاء هذه النخبة من الأساتذة الأفاضل المشاركين في المؤتمر، آملين الخروج بتوصيات قيمة تعود بالفائدة على جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية في الوطن العربي، ومن هنا، يأتي دوركم كأساتذة متخصصين، لإعادة دراسة المناهج الدراسية في كليات إدارة الأعمال المتخصصة بجامعاتنا العربية، بهدف استحداث تخصصات تتعلق باحتياجات العصر، والدخول في مجالات ريادية، تفتح آفاق الطالب على عالم المستقبل وحاجاته، في محاولة لمواءمة هذه المناهج بما يماثلها في الدول المتقدمة، بهدف تأهيل خريجي جامعاتنا للتعامل مع هذا العصر ومستجداته".
كوانترو
كما تحدث رئيس كلية "لو كوردون بلو" Le cordon Bleu لإدارة الفنادق وعلوم التغذية الدكتور اندريه كوانترو الذي قدّم لمحة عن الكلية موضحًا أنها شريكة 44 جمعية في العالم تعنى بهذه المسائل. وهي تدرّب سنويا 20 ألف طالبًا ولديها 95 مركز في جميع أنحاء العالم. وتطرّق إلى أزمة المدّ الديمغرافي في العالم موضحًا "أن عدد سكان بلدان العالم الثالث كان يشكل نسبة ثلث سكان العالم. أما اليوم وقد أصبح عدد سكان العالم 7 مليارت فإن 97% من هذا النمو يأتي من البلدان الفقيرة وهذا يخلق مشكلة توازن وعلى الجميع أن يفكر مليًا في المشاكل التي ستنتج عن خلل التوازن، إضافة إلى ندرة الموارد الطبيعية والطاقة المتجددة". واعتبر "أننا بصدد نموذج اقتصادي جديد بوجود بلدان آسيوية نشبهها ب "التنين الآسيوي"، فبلدان العالم الثالث بدأت تركّز على مواد التصدير وأصبحت البلدان الغنية أقل غنى، والمفارقة أن بلدان العالم الثالث أصبحت تموّل البلدان الغنية وهذا ما جعل الاقتصاد يقلب معادلة التوازن الجديد والعالم يتوجّه أكثر فأكثر إلى التنافسية ما يشكّل خريطة جديدة في التوازنات الاقتصادية".
الأب محفوظ
أما رئيس الجامعة الأب هادي محفوظ فرأى في عنوان المؤتمر "عنوانًا لديناميّة عمليّة وفكريّة تستحوذان على حياة العاملين في الكلية وفي جمعية الكليّات". واعتبر أن "الأزمات العالميّة، كتلك الأزمة الاقتصاديّة العالميّة الأخيرة، أظهرت ضعف الإنسان وعجزه. فلقد شعر الجميع بعجز الجميع عن تفادي كوارث اقتصاديّة كبيرة. وقف الجميع مذهولين ممّا حدث، واستبدلوا بالعجز والحزن شعور فرح القوّة والسيطرة على أكبر الشؤون الاقتصاديّة. كذلك العولمة قد تحجّم الإنسان الفرد، وقد تجعله في وضع تنافسيّ هائل ربّما يرزح تحت عبئه ويتضاعف شعوره بالتراجع والعجز". وأضاف: "وكم من حَوكمة يُنظَر إلى مثاليتها، تُخرق الآن إلى حدّ يحول دون أن تتمكّن من تأدية هدفها المرتجى. إنّها استنتاجات من اختبارات عديدة يستطيع كلّ منّا استحضارها ومقاربتها. فالاستنتاج من هذا الوضع يتلخّص في كون الإنسان لا ولن يستطيع التحكّم، بشكل كامل، بأيّ منظومة تبتدع في القرية الكونيّة. وهذا الاستنتاج ليس تشاؤميًّا، بل واقعيًّا، يحفّزنا لا على الانكفاء، بل على العمل وعلى الإدارة. وخلص إلى "أنه في خضم الأزمة الماليّة العالميّة، كما في قلب الأزمة البيئية العالميّة، أدى الإفراط في خدمة الأنا على حساب النحن، الى سقوط الأنا والنحن معاً. لقد شهدنا ذلك بأمّ العين. وانفتاح الانسان على الكرة الارضية برمّتها، كما انفتاح هذه الأخيرة على حياة كلّ إنسان، قد تكون مدمّرة للإثنين معاً إذا لم يكن خير الإنسان، كلّ إنسان، في كلّ ابعاده هو الهدف من ذلك. وطريقة الحوكمة، مهما بلغت جودتها، تسقط إن لم تهدف الى خير الإنسان، وفق متطلبات كلّ مجتمع تطبّق فيه. نيّة واضع المنظومات، كما نيّة مطبّقها، هما في غاية من الأهميّة في تحقيق التطوّر والنموّ المنشودين".وختم متوجّها بالشكر لفخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان على لفتته الكريمة الى جامعتنا ودولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ نجيب ميقاتي، على قبوله رعاية المؤتمر ولكلّ من أسهم في انجاح هذا المؤتمر.
الوزير صابونجيان
وألقى ممثل راعي المؤتمر الوزير فريج صابونجيان كلمة قال فيها: "إن عقد الندوات والمؤتمرات العلمية والمتخصصة على هذا المستوى يساهم في التفاعل والتواصل بين الأفكار والتوجهات، فيغنيها من خلال المناقشة الهادئة والعقلانية وتبادل الآراء بكل انفتاح ومرونة وقبول الآخر بعيداً عن المواقف الحادة والجامدة". وتابع: "الأزمات والعولمة والحوكمة، عبارات ثلاث كبرى بمعانيها وأهدافها. يحتاج كل منها إلى أكثر من مؤتمر وندوة. لكنها بصريح العبارة، خلاصة ما يقلق عالمنا المعاصر ومجتمعنا المتمدّن. فاذا أحسنّا الاستفادة منها للصالح العام، واستخدمناها في خدمة البشرية، تصبح الأزمات والعولمة والحوكمة حلقة مترابطة مفيدة لتطوّر الشعوب ورقيّها. وإذا قاربنا الأزمات من منطلق سلبي، فعندها تثير الخوف والقلق، في حين يمكن أن تكون مصدر الهام للقيادة الرشيدة والحكيمة". ولفت إلى أنه "اذا لم نواجه تلك الأزمات بثقة بهدف تخطيها والتغلب عليها، فعندها تسيطر علينا وتفرض أحكامها وقواعدها". واعتبر "أن العولمة أمر جيّد للشعوب. تمكنت من أن تسقط الحواجز على كل الصعد والمستويات السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية. مع العولمة، لا تقوقع ولا انغلاق. إنما خطرها داهم وتأثيرها مدمّر لأنها تسبب ممارسة الاحتكار والهيمنة وتقلص احترام أبسط معايير الأخلاقيات والأدبيات والشفافية ولا سيما احترام الضعيف". وأضاف: "وتبقى الحوكمة التي لا يستغنى عنها في عملية حسن تطبيق التنمية المستدامة. فالحوكمة تأخذ شكلاً جديداً من ممارسة الديمقراطية التشاركية. وهي المكمّلة للديمقراطية التمثيلية. إنها تفرض التعاون والشراكة بين جميع المكوّنات. الحوكمة تتصدر عملية اتخاذ القرارات المهمة والصائبة والمسؤولة. ظهرت الحاجة إليها في السنوات الأخيرة التي شهدت انهيارات مالية بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة والجشع المسيطر خصوصاً في النظامين المالي والمصرفي. فتطلبت المعالجة مجموعة قواعد جديدة لإدارة اللعبة بأقل الخسائر الممكنة، كل ذلك تحت إشراف منظّم من الدولة ومراقبة من المجتمع حماية للمصالح العامة  والمشتركة". واعتبر أن السؤال الأساس يبقى أين لبنان في عملية إدارة الحكم الرشيدة؟ وكيف يتحصّن لمواجهة الازمات المحيطة ومجابهة تحديات العولمة الكاسحة؟ لافتًا إلى أن لبنان المتميّز بشعبه وحريته وديمقراطيته، مطالب اليوم أكثر من أي يوم مضى، بأن يحسن إدارة الحكم لمواجهة تفاقم الأزمات على اختلافها. ويستدعي ذلك تثبيت التوافق بين أبنائه وتسهيل الوصول إلى الحلول الفضلى من خلال الوحدة والتضامن والتقارب واحترام التنوع". وخلص إلى انه "لكلّ من هذه العناوين التي تعالجون في مؤتمركم سلبياتها وايجابياتها. فإذا تجنبنا الغموض الذي يكتنفها، وتعاملنا معها من منظار ايجابي، يصبح من الممكن توظيفها لهدف انساني سام بعيداً عن السيطرة والنفوذ والتسلّط". وختم مؤكدًا "ترتبط الأزمات والعولمة والحوكمة بالثورة التكنولوجية والرقمية التي لم تهدأ حتى اللحظة. فهذه الثورة المستمرة نريدها أن تسرّع في تغيير نمط العيش وأن تعجّل في الاندماج، ولا تقضي على الروابط الانسانية. هذه إيجابيات يجب الاستفادة منها لتفاعل ثقافات الشعوب بين بعضها البعض، مكتسبين ما هو الصالح منها وما يجلب السعادة والازدهار لجميع الشعوب".
الوزير دياب
وألقى الوزير دياب كلمة قال فيها: "شرفني فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان بتمثيله لتقليد البروفسور فرنك بورنوا وسام المعارف من الدرجة الأولى، في هذا الحفل الذي تقيمه جامعة الروح القدس، هذا الصرح الأكاديمي العريق، الذي نفاخر به ونعتز لما له من الأيادي البيض، في إعداد الأجيال المتعاقبة من أبنائنا الذين برزوا في مختلف الميادين، وأسهموا في دفع عجلة الإنماء والتطور في البلاد. وأضاف: "إن هذا التكريم لعلم من أعلام الثقافة والإقتصاد  الذي وفد إلينا من فرنسا يثبت بلا ريب مدى تقدير جامعة الروح القدس للعلم والعلماء من خلال سعيها الدؤوب لتوفير آخر المستجدات في البحوث العلمية، وهو ما نراه ماثلا في السيرة الذاتية لهذا الأستاذ العالم الذي نكرمه  البروفسور فرانك بورنوا وما يتميز به من إتساع الأفق العلمي وغزارة الإنتاج.
بورنوا
وبعدما  قلّد الوزير دياب الوسام لبورنوا، ألقى هذا الأخير كلمة شكر فيها رئيس الجمهورية على تكريمه وعبّر عن امتنان علمي يتشارك به مع زملاء كثر. وشدد على أن هذه اللحظة ملؤها الأحاسيس لأنها تمثل عملاً رسميًا قرره رئيس الجمهورية، إضافة إلى أنها تتم في صرح جامعة عريقة هي جامعة الروح القدس.   
دروع تكرمية
ثم قدّم الأب محفوظ والدكتور عازوري دروعًا تكريمية على التوالي لكل من الوزيرين دياب وصابونجيان، السفير بياتون، البروفسور أبو عرابي، المدير العام للتعليم العالي الدكتور أحمد جمّال، الدكتور كوانترو، مديرة مكتب الشرق الأوسط في الوكالة الجامعية للفرنكوفونية في لبنان سلوى ناكوزي، البروفسور جورج جبور من جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأميريكة.
بياتون
بدوره أبدى السفير الفرنسي دوني بياتون تأثره بهذا الاحتفال سيما أنه سوف يغادر لبنان خلال 4 أسابيع بعد انتهاء مهامه في هذا البلد القريب جدًا من فرنسا. وأثنى بياتون على دور جامعة الروح القدس الريادي وإشعاعها على الساحتين العالمية والمحلية، معتبرًا أن هذا المؤتمر وما يزخر به من خبرات وطاقات جامعية هو خير دليل على تألق الجامعة والقيمين عليها.