الحكمة برازيليا إحتفلت بعيد شفيعها مار يوحنا مطر: كلنا مسؤولون عن نشر الخير والمحبة والمعرفة بالعلم والتدبير والتقديس
إحتفلت مدرسة الحكمة مار يوحنا في برازيليا في بعبدا بعيد شفيعها مار يوحنا المعمدان، برعاية ولي الحكمة المطران بولس مطر وبدعوة من رئيس المدرسة الخوري بيار أبي صالح، بمشاركة القدامى وهيئاتها الروحية والتربوية والإدارية والأهلية والكشفية والرياضية والإجتماعية.
وفي المناسبة ترأس المطران مطر القداس الإلهي يحيط به، إلى الخوري بيار أبي صالح، الآباء دانيال الخوري وطوني كرم وتوفيق أبي خليل وجورج عازار وشارك فيه الآباء رؤساء مدارس الحكمة ورؤساء المدارس المجاورة ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات والنائب حكمت ديب ورئيس بلدية الحدت الأستاذ جورج إدوار عون وأسرة المدرسة.
أبي صالح
وقبيل بدء القداس ألقى الخوري أبي صالح كلمة أشاد فيها بعائلة المدرسة وعلاقتها بالمطران مطر الداعم لها، وقال: "نجتمع اليوم، في عيد من كرس ذاته وبذل نفسه، علامة حية وصوتا صارخا على الدوام، يرشد إلى من هو الطريق والحق والحياة، نجتمع في عيد شفيع مدرستنا، وقلوبنا تمتلئ فرحا وغبطة بكل الوجوه التي رسمت ملامحها، في مختلف أرجاء المدرسة، فلونتها بألف حبٍ وحب، إنها وجوه العائلة التربوية تحتفل بعيدها، والقدامى الذين يجتمعون حول مدرستهم، يحدوهم الشوق والحنين، وتدفعهم الأصالة والوفاء، والأهالي الذين يشاركوننا في كل اللحظات، وأعضاء الحركة الكشفية التي لطالما كانت مستعدة متأهبة لتلبية كل نداء، وكل الأصدقاء الأحباء، وكلنا مجتمعون حول صاحب السيادة، ولي الحكمة، وقد يقول قائل: إنه اللقاء المنتظر في العيد، والحقيقة أنه العيد في اللقاء".
اضاف: "ولا يسعني في هذه المناسبة السعيدة، وفي حضوركم الكريم، يا صاحب السيادة، إلا أن أتوجه إليكم بالشكر الجزيل، فقد كنتم، قرابة ربع قرنٍ، وستبقون دائما، الصوت الصارخ بالحق، يرشدنا على مثال يوحنا إلى من هو نبع حياتنا وعلة وجودنا، فأنتم على الموعد دائما بالخدمة والرعاية، والمرافقة بالإرشاد وبالصلاة، أشكر الرب على خدمتكم الأسقفية التي عاينتها شخصيا، وعاينها كل أبناء الأبرشية. وأشكركم بشكلٍ خاصٍ على مرافقتكم لي، ودعمكم الأبوي، في خدمتي ورسالتي الكهنوتية، كما على الثقة الغالية التي حبوتموني إياها، عندما ائتمنتموني على رئاسة هذا الصرح التربوي العريق. وصلاتنا كلنا أن يفيض الرب عليكم فيضا من مواهبه المقدسة، ويمدكم بالصحة والعافية، لتستمروا في خدمتكم المثمرة والمباركة، كما يليق بكم وبالرب الذي تخدمون".
وختم: "معكم يا صاحب السيادة، نرفع شكرنا للرب، على سيادة المطران بولس عبد الساتر السامي احترامه، الذي سيستلم الأمانة من يديكم، في خدمة التعليم والتقديس والتدبير، وهو ابن الأبرشية عرفها وعرفته، وقد خدم الحكمة برئاسته لسنواتٍ عديدة، ونصلي طالبين من الله أن يعضده بكل روح نشيط، وبكل بركة سماوية.
ونختتم هذا العام الدراسي بروح المشاركة والوحدة، آملين أن يحمل العام القادم لمدرستنا ولعائلتها بكلٍ مكوناتها، مزيدا من التقدم والنجاح، في أجواءٍ من الاستقرار والسلام، تصبو إليها نفوسنا ونفوس كل اللبنانيين. هذه نوايانا نرفعها على مذبح الرب قرابين شكر وتسبيح وكل عيد وأنتم بخير".
مطر
بعد الإنجيل المقدس، القى المطران مطر عظة تحدث فيها عن يوحنا المعمدان وعن علاقة الكنيسة والحكمة والمؤمنين به، وقال: "تعرفون الكلمة القائلة "من يزرع بالألم والدموع، يحصد بالفرح". هذه حال تلامذتنا في هذه المدرسة العزيزة وجميع التلاميذ في العالم الذين تزرع في قلبهم وعقلهم العلوم والأفكار بالتعب والدموع. وفي نهاية كل سنة يأتي وقت الحصاد والنجاحات الوفيرة، ويعم الفرح الأهل والتلامذة والمدرسة في آن معا، يا وعلى هذا الفرح في قلوبكم، يا أحبائي، نشكر الله في هذا القداس ونمجده الى الأبد. وتلامذتنا الأحبة على مدى هذه السنة كلها، الذين قد كبروا كما كبر يسوع الطفل والولد بالحكمة والقامة والنعمة أمام الله والناس. ويسوع الصغير رافقهم صغارا ويسوع الاله يرافقهم ويرافقنا كبارا في هذه الدنيا والى الأبد الى دهر الداهرين. تمجد اسمه إلى دهر الداهرين".
اضاف: "ويوحنا المعمدان شفيع هذه المدرسة الحكمة - برازيليا، وهو النبي الأخير في سلسلة أنبياء العهد القديم نذكر اليوم في عيد مولده، ما قال عنه يسوع في إنجيله بعد أن اعتمد: "ليس في مواليد النساء أعظم من يوحنا المعمدان". وتابع قائلا: لكن أصغر إنسان في الملكوت هو أكبر منه، أي بعد المسيح. يوحنا هذا كان نبيا عظيما تكرس للرب، عاش في الصحراء، تأمل بخالقه، وسمع إيحاءاته فقال له الله : أنت عندك رسالة، قبيل مجيء الإبن الى هذا العالم. رسالة تهيء الناس فيها بالتوبة الى استقبال المسيح الآتي.
ستكون وسيطا بين المسيح وبين كل إنسان يذهب لينصت إليه. كم هي عظيمة هذه الرسالة إن يكون الإنسان وسيطا بين رفاق له وبين المسيح. وان كانت هذه المدرسة تكرم هذا النبي، فلإنها تأخذ عنه رسالة الى المعلمات والمعلمين، في آن معا. هؤلاء النفوس التقية والعالمة والمحبة، هي التي توصل الأبناء والتلاميذ الى المسيح، عبر العلم والمثل الصالح، والكلام الذي يدل عليه حتى يصل كل إنسان من هؤلاء الإطفال الى معرفة المسيح معرفة كاملة. نحن نؤمن أن كل معارف الأرض، كل المعلومات التي نختزنها في قلوبنا، هي وسيلة من الوسائل التي توصلنا الى الحقيقة الكبرى السامية، التي تستمد منها كل الحقائق وحقيقة هي الله ومحبته لنا. لذلك أخذت الحكمة شعارا لها منذ حوالي المئة وخمسين سنة من الكتاب المقدس وهي: "رأس الحكمة مخافة الله"، أن تعرف كل شيء، وإن لم نعرف الله لن نعرف شيئا. أما إذا عرفنا الله وقبلناه في قلوبنا واستقبلنا محبته فينا، عندئذ نصبح بشرا يحبون بعضهم بعضا ويجتمعون للخير كإخوة لأب واحد وهو الذي في السماء. لن يكون لهذا العالم التلاقي بين الشعوب والناس إلا اذا قبلوا أنهم ابناء إله واحد وهو الذي في السماء" .
وتابع: "وكم رددت وأردد أمامكم، أيها الإخوة، لا يوجد أخوة من دون أبوة. يمكننا أن نكسب أصدقاء والأكيد أن ربنا يساعدنا، ولكن هل نستطيع ان نخلق لنا. أبدا. الأخ يعطى من الأب ، إن أقررنا أن هناك أبا واحدا في السماء نستطيع أن نكون كلنا إخوة. وألا لا مجال للأخوة في العالم. والحروب والنزاعات تبقى والكبير يأكل الصغير، لأن لا أخوة من دون أبوة. إقبلوا الله في قلوبكم وحياتكم وعندئذٍ تقبلون بعضكم بعضا ويأتي سلام الله الى العالم بأسره".
واردف: " لقد قال يوحنا المعمدان عن يسوع: هذا هو حمل ألله فاتبعوه. هو الذي يحمل خطايا العالم، أنا النبي ولكن أنا خادم له. أنا أنقص وهو يكبر. لا أستحق أن أحل سير حذائه، أنظروا الى هذا التواضع. لا يحجب المسيح، بل يوصل الناس الى المسيح. هو الوسيلة الواسطة ليس ألا. العريس هو المسيح وحده له المجد الى الابد. يوحنا نذر نفسه للخدمة وعمد الناس وحضرهم لمجيء المسيح، وبعد ذلك اختلف مع الملك الذي وبخه لتصرفه العاطل وتعرفون قصة يوحنا الذي طلب راسه على طبق. ولكن قبل ذلك كان يوحنا في السجن قبل قطع رأسه، وراح يفكر بينه وبين نفسه: هل يعقل انا في السجن والمسيح خارجا وانا خدمته؟ فأرسل تلميذين الى يسوع يسألانه: أأنت المسيح؟ فقد شك يوحنا وسأل لماذا هو في السجن؟ فأجاب يسوع الرسولين وقال لهما: إذهبا وقولا ليوحنا: العميان يبصرون، والعرج يمشون والبرص يطهرون والمساكين يبشرون وطوبى لمن لا يشك بي. فقال يوحنا عندئذ: أنت ربي والهي. ثم قدم دمه سابقا دم المسيح، من أجل فداء الكون وإتمام ملكوت الله. موته صار عرسا ،لأنه كان شهيد الحقيقة وشهيد محبة يسوع المسيح ويوحنا يجمعنا في هذا اللقاء بشهادته للرب، بقداسته، لنتقدس جميعنا ونكون أهل الحقيقة وأهل المحبة في آن معا. الفقراء يبشرون نهتم بهم، الدولة تهتم بهم، العالم يهتم بهم، ليصبح العالم أكثر إنسانية وأكثر أخوة وصوت يوحنا يدوي في الفلوات. إذهبوا الى الرب تحدوا عنده كل فرح وكل سلام. لذلك نعيد اليوم لنبي عظيم قدم دمه للمسيح شهادة وكان زرعا مباركا لكي تكبر الحقيقة ونكبر بها ونكبر بالمحبة حتى نبني ملكوت الله وعمه لنا في كل عمل من أعمال حياتنا".
وقال: "مبارك هذا العام، مباركة هذه المدرسة الحبيبة، مدرسة الحكمة- برازيليا وكل مدارس الحكمة. مباركة جامعة الحكمة ومباركة هذه الأبرشية التي التزمت العمل التربوي منذ مئة وخمسين سنة، فدمغت لبنان وتاريخه وثقافته بدمغة لا تنسى من أجل أن يكون لبنان وطن الجميع، وطن المحبة والسلام وطن الثقافة والتفتيش عن الحق والحرية والكرامة والحقيقة الكاملة. أهنىء هذه المدارس لتعبها وأشكر الله على أنها تخدم هذه الخدمة النصوح، تلامذة لبنان والأجيال الجديدة لتخرج كل سنة من الجامعة ومن المدارس ألف شاب وشابة ينزلون الى ساحة العمل في لبنان وخارجه ليكونوا خميرة صالحة مخمرة بطيب المعرفة والحق الذي هو يسوع المسيح".
وختم: "رسالة عظيمة تقوم بها الحكمات، آمل ان تكمل وأن ترعى ومن دون شك. سوف نكون كلنا أساقفة بيروت واحدا بعد واحد، مسؤولين عن نشر الخير والمحبة والمعرفة بالعلم والتدبير والتقديس. بهذه الروح أحيي المطران الجديد للأبرشية، سيادة أخينا المطران بولس عبد الساتر الذي كان رئيسا للحكمة - بيروت تسع سنوات ورئيسا للحكمة في عين الرمانة، والأن أصبح وليا للحكمات كلها. نحن كنيسة واحد فيها اسمه ابولس الذي يزرع كما قال الرسول وواحد يسقي اسمه أبوللو والرب يحيي. كلنا خدمة باطلون، فعلنا ونفعل ما يجب علينا، وياتي من بعدنا ليكمل التراث والمسيرة الى آخر الدهر. صلوا على نيتنا جميعا، أيها الأحبة، لنكون وأياكم شهودا لربنا يسوع المسيح فننال رضاه ونكسب محبته ونسهم في ملكوته".