مطر في يوبيل الحكمة هاي سكول: طلابنا نموا على محبة لبنان وتقدير دوره في المنطقة والعالم

لبت أسرة مدرسة "الحكمة هاي سكول" (مريم أم الحكمة) في عين سعادة وأصدقاؤها، دعوة رئيس المدرسة الخوري كبريال تابت للمشاركة في قداس الشكر الذي احتفل به رئيس أساقفة بيروت ولي الحكمة المطران بولس مطر، في كاتدرائية مار جرجس في بيروت، لمناسبة اختتام المدرسة احتفالاتها اليوبيلية بمرور 25 سنة على تأسيسها.

وشاركت في القداس ممثلة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون السيدة كلودين عون روكز، النائب نديم الجميل، الرئيس المؤسس للمدرسة النائب الأسقفي في أبرشية بيروت للشؤون التربوية المونسنيور سوفور الخوري والأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، ممثلو القيادات العسكرية والأمنية ورؤساء الأحزاب وهيئات نقابية وقضائية وأكاديمية وتربوية واجتماعية ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات.

وعاون مطر في القداس إلى تابت، الأب القيم الخوري جوزف شربل والأبوان داني كمال وماريو الهبر.

العظة
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى مطر عظة استهلها بشكر الرئيس عون على مشاركته، ومما قال: "نصلي على نية فخامته ليمده الله بالعافية ويعطيه كل النعم التي هو بحاجة إليها ليقود البلاد إلى شاطىء الامان بعزم وحزم وبمحبة ونشاط".

أضاف: "نقف بعد مرور خمس وعشرين سنة على إنشاء هذا الصرح الأخير من سلسلة مدارس الحكمة العزيزة. وقد أقامتها أبرشية بيروت المارونية، واحدة واحدة، بدءا من المدرسة الأم التي زرعت في عاصمة لبنان قبل أن تتخذ بيروت صفة العاصمة، ونمت فيها منذ ما يقارب القرن ونصف القرن من الزمن، كما ينمو الصديقون وكما ينمو خالدا أرز لبنان. وكان للأبرشية التي التزمت منذ أواسط القرن التاسع عشر نشر الرسالة المسيحية في محيطها الأقرب والأوسع عبر الثقافة والعلم، والانفتاح على حضارات الشعوب، أن تتوج مؤسساتها التربوية كافة، بعد انجازها المدرسة الأخيرة، هذه، برفع البناء الجديد لجامعة الحكمة التي تأسست مع المدرسة الأم في العام 1875 والتي استعيد العمل فيها ضمن إطارها الحديث منذ ما يقارب العشرين من السنوات".

وتابع: "لمدرسة الحكمة هاي سكول حيثيات خاصة دعت إلى تأسيسها ورافقت عملها ورسالتها منذ إنشائها حتى الآن. فكانت لأخينا وسلفنا المباشر المثلث الرحمة المطران خليل أبي نادر هذه الخطوة والشجاعة، وقد أقدم عليها في بداية التسعينات من القرن الماضي ليفتح للحكمة آفاقا جديدة من التربية والتعليم باللغة الانكليزية كلغة أساس إلى جانب العربية والفرنسية، وليتبعها قرار آخر شجاع باعتناق البكالوريا الدولية التي من شأنها تهيئة النشء على التاقلم في أي بقعة من بقاع الأرض وفي أي إطار من أطر الحضارات".

وقال: "إن المنحى الذي اتخذته مدرسة الحكمة هاي سكول قد ساعدها على إذاعة خبرها في كل الأوساط اللبنانية والعربية المحيطة، فدخل إلى صفوفها طلاب من المناطق اللبنانية كافة، ومن الدول المحيطة كالعراق وسوريا والأردن، والعربية السعودية وسواها، كما تسجل فيها أبناء وبنات لسفراء عديدين معتمدين في لبنان ووافدين إليه من أقطار الدنيا، في مشارق الأرض وفي مغاربها. فتوصل الطلاب فيها إلى الانتماء إلى أكثر من أربعين دولة، رفعت أعلام كل منها في بهو المدرسة، ما دل ويدل على خدمة تربوية للحكمة باتت عالمية الأبعاد وعالمية الانتشار في آن معا".

أضاف: "ان هذا النجاح في الانجازات التربوية الكبيرة لم يبعد المدرسة عن التعلق بلبنان ولا عن التأكيد بأن رسالة هذا الوطن هي الأكثر ملاءمة للتربية العالمية المنحى، وذلك بفعل حوار الحضارات الذي يقام فيه بصورة عفوية والذي يتقدم بفعل انفتاح الأديان فيه بعضها على بعض وممارستها تحت ألوية المحبة والاحترام المتبادلين. هكذا نما طلابنا في هذه المدرسة على محبة لبنان وعلى تقدير دوره في المنطقة والعالم. وهكذا مكثت المدرسة وفية لتراث الحكمة العام من حيث التمسك باللغة العربية دلالة على اندراج لبنان في محيطه الواسع وعلى الدور الثقافي الذي يقوم به في سبيل إخوانه العرب في كل أقطارهم. وهكذا استمرت المدرسة أيضا على تربية النشء فيها على محبة الله والإيمان بالقيم السامية التي تثبتها هذه المحبة في القلوب وعلى التعرف على الآخر والتعامل السوي معه بإخلاص أكيد".

وتابع: "غير أن هذا الإنجاز الذي تفخر به الأبرشية ويفخر به اللبنانيون الذين أفادوا من ثماره الإفادة الطيبة، ما كان ليتحقق لولا كوكبة من المعلمات والمعلمين، ومن الإداريات والإداريين الذين وقع اختيار المدرسة عليهم. وها هي المدرسة اليوم وفي الحقبة الحالية من خدمتها وعلى امتداد اثنتي عشرة سنة تنعم بالاستمرار في رسالتها وفي تقدمها الحثيث بفضل رئيس مخلص وخبير في التربية هو الخوري غبريال تابت الذي أمضى إلى الآن اثنتي عشرة سنة في خدمة المدرسة ورفع شأنها على كل صعيد. ففي أيامه أضفنا مبنى جديدا مخصصا لصفوف الحضانة والأساسي، كما أنشأنا ملاعب حديثة مقفلة للرياضة على أنواعها وذلك وسط طبيعة خلابة توفرها منطقة عين سعادة بصنوبرها الأخضر وهوائها العليل".

وختم: "باسم هذه الكنيسة وباسم الأبرشية وباسمكم جميعا، نهنىء مدرسة الحكمة هاي سكول في يوبيلها الفضي المبارك، ولتكن المسيرة المشرقة التي عرفتها في ربع قرن مضى حافزا لاستمرارها في الربع الجديد الآتي. ولتكن أمانة الله لنا نورا وقوة لنستمر على أمانتنا له وللرسالة التي أوكل بها إلينا. وليكن لبنان على الدوام نصب عيوننا وطن الإنسانية والحرية والكرامة لجميع أبنائه ولجميع المتطلعين إليه بمحبة وإخاء".

تابت
وفي ختام القداس، قال تابت: "اسمحوا لي أن أتقدم بالشكر العميق على المشاركة في القداس الإلهي، من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ممثلا بالسيدة كلودين عون روكز ومن كل من شاركنا من كهنة وفاعليات سياسية وعسكرية واجتماعية وأكاديمية ومن أهل الصحافة والإعلام ومن تلامذتنا وأوليائهم ومعلميهم والمسؤولين عنهم، داعيا لهم بدوام العافية وبمزيد من العطاء في حقول العمل لما فيه خير الإنسان ولبنان".