أيوب في مؤتمر عن العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية: ما زلنا نطمح ونسعى لتحقيق مشروع بناء دولة المؤسسات
نظم معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية ومركز الأبحاث في المعهد، وضمن سلسلة احتفالات العيد الستين "تطوير وارتقاء"، مؤتمرا عن "العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية: تاريخ معاش وتطلعات مستقبلية"، في قاعة المحاضرات في الإدارة المركزية في الجامعة اللبنانية، برعاية رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب وحضوره، وحضور نخبة من الأساتذة والباحثين في مجال العلوم الاجتماعية وعدد من طلاب المعهد وممثلين عن عدد من الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالشؤون الأكاديمية والبحثية والاجتماعية.
قدمت المؤتمر الإعلامية الدكتورة ليلى شمس الدين استهلته بالترحيب بالحضور، ومن ثم بالتقديم لكل من المتحدثين ولجلساته الثلاث.
أيوب
وألقى البروفسور أيوب كلمة استهلها بشكر عميدة معهد العلوم الاجتماعية الأستاذة الدكتورة مارلين حيدر ورئيسة مركز الأبحاث في المعهد الأستاذة الدكتورة مها كيال وادارة المعهد على "جهودهم وعملهم في تأمين الدراسات والأبحاث والمعطيات لوضعها كمرتكز للتخطيط والعمل في مشاريع الجامعة وأعمالها كافة".
وأثنى على الجهود المبذولة من إدارة المعهد باستمرار، لتقديم أفضل وأجمل النتائج من خلال إدارة جيدة لموارد محدودة، وقال: "في رحاب إدارة جامعتكم التي لها في كل يوم إطلالة على نشاط جديد، وعلى نتاج علمي يؤكد يوما بعد يوم حجم اهتمامها ومواكبتها لكل المستجدات العلمية التي ما أوجدها الباحثون والدارسون إلا من أجل خدمة الإنسان ومجتمعه".
وعن المؤتمر وأعماله، أشار الى ان "هذه الخطوة تأتي اليوم متزامنة مع مناسبة ذكرى تأسيس معهد العلوم الاجتماعية، أي إبان فترة الاهتمام ببناء الدولة المحصنة بالمؤسسات العامة التي وجدت من أجل خدمة المجتمع، وكان الحلم أن يضع هذا المعهد المخطط الفعلي لها من خلال دراسات واقعية تتطلع للبناء والتنمية. وطبعا أعني بهذا الزمن الحقبة الشهابية ومشروع بناء دولة المؤسسات التي ما زلنا جميعا نطمح لتحقيقه ونسعى إليه، أقله في جامعة الوطن".
وأكد أهمية هذه المناسبة وقال: "أنتم تصيبون بمؤتمركم اليوم بعدين لا يقل الواحد أهمية عن الآخر، تستذكرون الحلم اللصيق لسبب وجودكم كمعهد، وتقيمون في آن معا ما انتجتم به، ولا شك أن هذا هو المسار السليم للتطور".
وختم موجها رسالة إلى أسرة معهد العلوم الاجتماعية وقال: "أنكم معنيون ليس فقط بمستقبل طلابكم، بل بمستقبل وطننا بما كلفتم به من دور أناط بكم مسؤولية إعداد الدراسات والأبحاث التي تساهم في وضع الحلول لبعض المعضلات الاجتماعية التي تشكل خطورة على الأجيال الناشئة، لا سيما تلك التي تساهم في انفراط العقد المجتمعي والتي أصبحت ظواهرها تستشري وتزداد، فالوطن هو تعدد مجتمعات، ومعالجة الوطن تبدأ من معالجة مجتمعه".
حيدر
وأوضحت البروفسورة حيدر هدف إحياء العيد الستين لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، وقالت: "نحن أردناه عيدا ومناسبة لنلفت الانتباه إلى مدى ضرورة الحفاظ على ذاكرة هذه المؤسسة، لحمايتها والبناء على أساسها بعقل الواعي لقدراته والطامح للأبعد منها". وشددت على ضرورة الحفاظ على الذاكرة، منوهة بأهمية "إبراز هوية المعهد الأكاديمية والبحثية، من خلال إنتاج أساتذته وطلابه محليا، ووطنيا ودوليا، لقياس مدى مساهمته في تطوير المعارف التي يدرسها، وهو ما تحقق بعد أن فرغت إدارة المعهد من إعداد البرامج الجديدة، واستحداث مناهج ماسترات مهنية تواكب متطلبات سوق العمل، وشهادة تخصصية في العلوم الاجتماعية، وبعد أن أقر نظام مركز الأبحاث، باشر المعهد نشاطاته وتشبيكه مع مؤسسات دولية "UNESCO، UNFPA، IOM، الـIFPO، الـAUF ومع مؤسسات وطنية وإدارات وهيئات عامة كوزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة ومؤسسة الحريري وبيت المستقبل ومركز الارشاد والتوجيه التربوي وغيرها".
ولفتت الى "تعزيز نشاط مختبرات المعهد خلال العامين الماضيين عبر إقامة الندوات، والمؤتمرات، وقالت: "عمدنا إلى إنشاء موقعنا الالكتروني وعملنا على تنشيطه في خدمة الطلاب والباحثين بالأدلة البحثية، وبعد أخذ موافقة مجلس الجامعة اللبنانية بتحويل مجلة العلوم الاجتماعية من مجلة ورقية إلى مجلة ورقية والكترونية"، واعدة بأنها ستبصر النور قريبا، مشيرة الى أن "إحياء الذكرى الستين لتأسيس المعهد لم يكن للإضاءة على الإنجازات المتواضعة، وإنما للحث على السعي الدؤوب للمزيد منها.
وكشفت أن "أوراق المؤتمر ستنشر لاحقا كما الشهادات الأكاديمية الغنية جدا للزملاء والزميلات، في كتاب سنوقعه كاختتام لاحتفاليتنا هذه السنة بالعيد الستين". وذكرت أسباب نشأة المعهد فقالت: "نحن آلينا على أنفسنا منذ اللحظة الأولى استعادة حلم المعهد يوم تأسيسه، أي أن يكون هذا المعهد، في ظل جامعتنا الوطنية، المؤسسة الاكاديمية الرافدة لمؤسسات الوطن بالدراسات والمسوحات، ولن نكل في تطوير مناهجنا باستمرار بما يتوافق وسوق العمل الراهن والمستقبلي، وأول محطة قادمة في هذا الاطار، ستكون السعي إلى الحصول على الاعتماد (Accreditation) لمعهدنا، وكل ما نقوم به اليوم من جهد يصب في هذا التوجه".
وختمت: "أملنا كبير معكم وبكم في الاستمرار ببذل الجهود المخلصة لمصلحة جامعتنا ومعهدنا. وسنمضي سويا بمباركة ورعاية رئيسنا البروفسور فؤاد أيوب الداعم لكل مسيرة طموحة في العلم وفي إعلاء شأن جامعتنا الوطنية وفي خدمة مجتمعاتنا"، شاكرة "الداعمين والمشرفين والعاملين والجنود المجهولين".
رحال
وسلط ممثل الأساتذة في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسور حسين رحال في كلمة ألقاها الضوء على دور الجامعة الوطني، وقال: "أمضيت 33 عاما طالبا ثم أستاذا منذ العام 1986 ومنذ العام 2005 في هذا المعهد الذي لولاه لما كانت توفرت إمكانية التعليم العالي لكثير من أمثالي، هذا المدماك الوطني الذي يشكل جزءا من كيان عشرات الآلاف من الخريجين الذين تمكنوا من تلقي تكافؤ الفرص في هذا البلد بسبب هذا المرفق العام في ظل هذه الأجواء التي يجب أن نتذكر أن نحافظ على هذا القطاع العام وهذه المؤسسات العامة التي تقدم ديموقراطية التعليم، وفي أماكن أخرى تقدم ديموقراطية التأمين على الصحة والحياة والمحافظة على هذه المرافق المهمة في حياة اللبنانيين والتي تعني بحق أنها هي الدولة الحقيقية التي ترعى شؤون اللبنانيين".
وأكد أهمية "الرؤية الواضحة التي قدمها حضرة رئيس الجامعة البرفسور فؤاد أيوب والمتمثلة بضرورة التعامل مع الجامعة اللبنانية على أنها المستشار الأول للدولة وهذا أمر أساسي ومهم يجب أن يتحول إلى هدف استراتيجي لكل معهد وكلية في الجامعة اللبنانية ويحتاج الى آليات عمل لكي نحقق هذا الهدف الذي هو أساس في إنشاء المعهد وفي إنشاء الجامعة اللبنانية".
وتطرق إلى أهمية "تقديم الخدمات في مجال اختصاصنا وخصوصا التعليم والبحث العلمي الذي يلبي حاجات المجتمع، وليس دائما حاجات السوق، يجب أن نراعي السوق في الاختصاصات لكي نؤمن العمل، لكن في أبحاثنا وتعليمنا يجب أن يكون في مدى رؤيتنا خدمة المجتمع والفئات المستضعفة في هذا المجتمع وتقديم البحوث التي تؤمن حاجات المجتمع البحثية"، مشددا على "امتلاك الجامعة اللبنانية الكثير من الطاقات المتمثلة في أساتذة الجامعة"، متسائلا عن "إمكانية إشعار اساتذة متعاقدين على مدى سنوات بالاستقرار الوظيفي والاجتماعي والبحثي لكي يقدموا هذه الخدمة المطلوبة والمستحقة للمجتمع علينا؟"، معتبرا أن "تفريغ الأساتذة وإدخال الأساتذة المتفرغين إلى الملاك أمر حيوي لإدامة عمل الجامعة اللبنانية، وهو مطلب محق يجب أن نناضل جميعا من أجله على مختلف انتماءاتنا من أجل تكريس هذا الاستقرار للجامعة ومستقبلها وبالتالي للوطن".
أضاف: "نحن في الجامعة اللبنانية نملك أفضل الأساتذة في لبنان باعتراف كل الجامعات الخاصة، لكن للأسف عندما يلجأ المستوى السياسي الى شركات تقدم لنا الدراسات والخدمات حول مستقبل اولادنا ومستقبلنا كما حصل مع شركة ماكنزي والتقرير القديم والمنقول الذي قدمته حول الاقتصاد اللبناني، ماذا ينقص الأساتذة والباحثين في الجامعة اللبنانية ليقدموا هذه الاستشارة من خلال هويتهم الوطنية ومن حرصهم على لبنان وليس انطلاقا من اجرة معينة".
وختم رحال كلمته بشكر رئيس الجامعة على اهتمامه بهذا العيد، وللحضور جميعا، خاصة كل من ساهم في انجاح هذا المؤتمر.
كيال
وأوضحت البروفسورة كيال في مستهل جلسات المؤتمر الأسباب التي دعت لهذا العمل في العيد الستين لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، وقالت: "قد يتساءل البعض لماذا في هذه المحطة الزمنية من عمر المعهد نحاول رصد التاريخ؟ لماذا نحاكي الذاكرة المعاشة، الملفات، المناهج وتحولاتها، الإنتاج البحثي للأساتذة ولطلاب الدراسات العليا في المعهد؟ لماذا نجهد أنفسنا في رصد الماضي؟ لماذا نؤرشف؟ لماذا نحاول نسج فتات الحكايات المتقطعة، المتقاطعة أحيانا وغير المتقاطعة؟ لماذا؟ لماذا؟ ولماذا؟. لماذا نستحضر حتى ما غاب عنا بجسده، بفعل الطبيعة الإنسانية ومرور الزمن".
أضافت: "عندها تساءلنا: كيف يمكن أن نحتفل بذكرى لا نعرف عنها الكثير، كيف لنا أن نطرح مستقبلا رؤيويا للمعهد دون أن ننطلق من تحليل قائم على قراءة مسار؟ ماذا أنتج هذا المعهد، أين هو إنتاجه؟ هل يحق لنا أن نتحدث عن دور معهد العلوم الاجتماعية في بناء توجهات بحثية في هذا العلم، هل لدينا تراث إنتاجي بخصوصية معهدنا الذي بات متفرعا في خمس أكبر محافظات لبنانية؟، وكان القرار في الشروع بالتأريخ للمعهد".
وتابعت: "همنا هو التأسيس لسيرورة تفكير، ولحماية فكر، كما لأرشفه تراث علمي، بهدف حماية حقوق مفكرين بذلوا الكثير ومن حقهم علينا تكريمهم من خلال حفظ أثر مرورهم، وأثر عملهم الاداري، أو الفكري أو البحثي في هذا المعهد، مهما كبر هذا الأثر أو صغر".
جلسات المؤتمر
تضمن المؤتمر 3 جلسات هي:
الجلسة الأولى: ذاكرة وإنتاج بحثي، وتضمنت ورقتين بحثيتين: "ذاكرة معاشة ومستقبل مستدام" للأستاذة الدكتورة مها كيال، و"المشكلات الاجتماعية في الإنتاجات البحثية في معهد العلوم الاجتماعية" للأستاذ الدكتور علي مرتضى الموسوي، وأدارها العميد الأسبق في معهد العلوم الاجتماعية الأستاذ الدكتور فردريك معتوق.
الجلسة الثانية: برامج وسوق عمل خريجي معهد العلوم الاجتماعية، وتضمنت ورقتين بحثيتين: "برامج معهد العلوم الاجتماعية وصلاتها بالاحتياجات المجتمعية" للأستاذ الدكتور زهير حطب، و"سوق عمل خريجي معهد العلوم الاجتماعية الحالي والمرتقب والمنتزع" للأستاذ الدكتور ابراهيم مارون، وأدارها العميد السابق في معهد العلوم الاجتماعية الأستاذ الدكتور يوسف كفروني.
الجلسة الثالثة: العلوم الاجتماعية - آفاق ورؤى مستقبلية، وتضمنت ورقتين بحثيتين: "نحو نموذج نظامي جديد للعلوم الاجتماعية في البحث والتعليم" للأستاذ الدكتور سليمان ديراني، و"التحولات المرتقبة في آفاق العلوم الاجتماعية" للمحاضر في جامعة ملبورن في أستراليا الاستاذ الدكتور غسان الحاج، وأدارها العميد السابق في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية طلال عتريسي.