اليونسكو أطلقت من بيروت التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية
نظم مكتب اليونسكو في بيروت، بالتعاون مع قسم علم الاجتماع، الأنتروبولوجيا والاعلام في الجامعة الأميركية ( AUB ) ومنتدى البدائل العربي للدراسات (AFA)، طاولة مستديرة إقليمية لإطلاق التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية 2016- تحدي حالات عدم المساواة: مسارات من أجل تحقيق عالم يسوده العدل بنسخته العربية، في الجامعة الأميركية في بيروت في حضور مجموعة من الدبلوماسيين ونخبة من الأكاديميين.
وأشار مكتب اليونسكو، "ان هذا التقرير أعده المجلس الدولي للعلوم الاجتماعية (ISSC) ومعهد دراسات التنمية (IDS)، وتم نشره بالاشتراك مع اليونسكو وهو يضم مساهمات أكثر من 100 خبير. وصدر هذا المنشور باللغة العربية بفضل المساهمة السخية التي قدمتها مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية - المملكة العربية السعودية. ينذر التقرير بأن أوجه عدم المساواة المتزايدة قد تهدد استدامة الاقتصادات والجماعات والمجتمعات لأنها تضعف الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
ويسلط التقرير الضوء على الفجوات الكبيرة في ما يخص بيانات العلوم الاجتماعية بشأن أوجه عدم المساواة في مناطق مختلفة في العالم، وذلك بهدف الدفع بعجلة التقدم لإيجاد مجتمعات تتسم بقدر أكبر من الشمولية. كما يدعو التقرير إلى تكثيف البحوث في مجال العلاقة بين أوجه عدم المساواة الاقتصادية من جهة وفي مجالات أخرى مثل قضايا الجنسين والتعليم والصحة من جهة أخرى.
ويدعو التقرير أيضا إلى زيادة التعاون بين القطاعات والحدود الجغرافية ومجالات البحوث، وذلك لمساعدة الحكومات على تطوير سياسات أكثر فعالية سعيا نحو إيجاد مجتمعات تتسم بقدر أكبر من الشمولية. ولتحقيق هذه الغاية، لا بد من استغلال الشبكات الدولية ومصادر البيانات المتاحة وإمكانية الوصول الحر للمنشورات والبرمجيات.
يتيح نشر التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية باللغة العربية فرصة هامة للتأمل الإقليمي حول تحديات عدم المساواة.
الهمامي
وفي افتتاح الطاولة المستديرة الإقليمية، قال مدير مكتب اليونسكو في بيروت الدكتور حمد بن سيف الهمامي، ممثلا بالدكتور حجازي إبراهيم: "إن منظمة اليونسكو في جميع مجالات عملها تطور تقارير عالمية كمنصات للتأمل والتفكير المعمق لرصد الواقع ووضع أفق مستقبلية وبرامج عمل عالمية. وهو نفس الحال في العلوم الاجتماعية حيث شكلت التقارير على مر السنين مصادر لمعارف علمية ورسائل قائمة على الأدلة يشارك في إعدادها خبراء ومهنيين من جميع أنحاء العالم، ويتم توجيه التقارير بصورة واضحة وبصوت عال إلى صانعي السياسات وإلى الممارسين والمهتمين".
وأضاف: "إن التقرير الذي بين أيدينا عن تحدي "عدم المساواة" يعبر عن واقع التحديات في عالمنا من ارتفاع حالات عدم المساواة وتأثيرها على النمو الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تم التوافق عالميا للتنفيذ حتى 2030. ويأتي التقرير ورسائله الهامة في لحظة حاسمة تعيشها المنطقة العربية من تغيرات غير مسبوقة، نأسف أنها سلبية في معظمها، مع وجود محاولات للنهوض الاقتصادي والاستقرار السياسي بعد سنوات من عدم الاستقرار والنزاع الداخلي الذي ما زال يستنزف الكثير الكثير. ويشكل تزايد "عدم المساواة" بأبعاده المختلفة السبب الأساسي لما نحن فيه، والطريق إلى الحل هو التوجه نحو مسارات لتحقيق الإنصاف والعدالة الاجتماعية التي ركز عليها التقرير الذي بين أيدينا".
وختم: "نأمل أن يكون التقرير فرصة للتأمل ومرتكزا للانطلاق نحو مسارات تحويلية معرفيا وتطبيقيا لتحقيق الإنصاف والعدالة الإجتماعية وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في منطقتنا العربية".
كرولي
أما رئيس قسم البحوث والسياسات والتبصر في قطاع اليونسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية جون كرولي، فأشار الى أهمية هذا التقرير، وقال: "يعد هذا التقرير بمثابة صرخة تحذير. فلا بد من سد الفجوة في مجال بحوث العلوم الاجتماعية بشأن مسألة عدم المساواة، ومن ثم العمل على البحث لتصميم وتنفيذ سياسات عملية هو أمر حيوي من أجل تحقيق الأهداف المتداخلة لخطة عام 2030 للتحولات التي لا تتخلى عن أي أحد".
العجاتي
بدوره، قال باحث ومدير منتدى البدائل العربي للدراسات محمد العجاتي: "في المنطقة العربية، إننا بحاجة لبحوث أقوى تمتد على المدى البعيد في مجال العلوم الاجتماعية بشأن مسألة عدم المساواة المستمرة في تقويض قدرتنا على معالجة الأولويات العالمية الأخرى. وإننا بحاجة إلى إحداث تغيير كبير نحو خطة بحثية عالمية شاملة ومتعددة المجالات والمقاييس".
وتابع: "إن التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية لعام 2016 هو رسالة نزيهة عن مدى كآبة مستقبل البشرية نظرا للاتجاهات المتزايدة في مختلف أنواع عدم المساواة الاجتماعية. ما هو لافت للنظر هو عدم المساواة البيئية من حيث الوصول إلى الموارد الطبيعية، والاستفادة من استغلالها والتعرض للتلوث والمخاطر. على الرغم من ذلك، هناك بعض الأخبار الجيدة نسبيا من دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) التي تمكنت من دفع النمو الاقتصادي في المناطق الأكثر فقرا في العالم".
وقال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ساري حنفي: "إن التقرير يشدد على أن التركيز على بحوث العلوم الاجتماعية في ما يتعلق بأوجه عدم المساواة، عادة ما يتركز في البلدان المتقدمة التي تتوافر عنها بيانات موثوقة، وذلك على حساب البلدان النامية التي لا تمتلك بيانات موثوقة. فعلى سبيل المثال، تمثل نسبة منشورات العلوم الاجتماعية والإنسانية، في ما يتعلق بأوجه عدم المساواة والعدالة الاجتماعية بين عامي 1992 و2013، أكثر من 80% في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية، بما في ذلك أعمال عدد من الاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع. وقد ساهمت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية بنسبة 3% و2% على التوالي من هذه المنشورات".
وأضاف: "تظهر البحوث المعنية بتزايد حالات عدم المساواة حيث أن 1% من السكان يمتلكون نصف الثروات حول العالم وأن ثروة الأشخاص الأكثر غنى، والذين يصل عددهم إلى 62، تعادل ثروة النصف الأكثر فقرا من البشرية. وقد اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والبالغ عددها 193 دولة عضوا، في شهر أيلول/سبتمبر 2015، 17 هدفا من أهداف التنمية المستدامة، وذلك في إطار التزام عالمي طموح للقضاء على الفقر وإيجاد حل لأوجه عدم المساواة والتصدي لمشكلة تغير المناخ خلال الأعوام الخمسة عشر القادمة. إذ ترمي أهداف التنمية المستدامة، التي حلت مكان الأهداف الإنمائية للألفية، إلى تحسين الحياة في جماع جميع البلدان حول العالم، مشركة البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء في الجهود الرامية إلى تحقيق سلسلة من الأهداف المترابطة، وبما في ذلك الحد من مسألة عدم المساواة".