تخريج طلاب كلية الطب في الكسليك وتدشين مبنى الدكتور فرنسوا باسيل حبيقة: لا تدعوا أنبياء الويل يتسللون إلى مربع أحلامكم وانتظاراتكم

إحتفلت جامعة الروح القدس - الكسليك بدعوة من رئيسها الاب البروفسور جورج حبيقة بتدشين مبنى الدكتور فرنسوا سمعان باسيل لكلية الطب والعلوم الطبية فيها وبتخرج طلاب الكلية الذي حمل عنوان فوج الفرح 2018، خلال احتفال اقيم بجانب مستشفى سيدة المعونات الجامعي- جبيل، وحل فيه باسيل متحدثا اساسيا.

حضر الاحتفال السفير البابوي في لبنان جوزف سبريتي، النواب: سيمون ابي رميا، فريد هيكل الخازن، شوقي الدكاش، مصطفى الحسيني، روجيه عازار، شامل روكز وفادي سعد، النائبان السابقان نعمة الله ابي نصر، ووليد الخوري، المطران بولس دحدح، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي نعمة الله الهاشم ومجلس المدبرين، الشيخ احمد اللقيس ممثلا امام جبيل الشيخ غسان اللقيس، مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران، قائمقام جبيل نتالي مرعي الخوري، رئيس بلدية جبيل وسام زعرور، عميد كلية الطب والعلوم الطبية في الجامعة الدكتور جان كلود لحود، رئيس مستشفى سيدة المعونات الجامعي الاب وسام خوري، المدير الاقليمي لبنك بيبلوس في قضاء جبيل جورج الخوري وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير ودكاترة الجامعة وحشد من الفاعليات واهالي الخريجين.

لحود
بدأ الحفل بدخول موكب الخرجين فالنشيد الوطني، ثم كانت كلمة عريفة الاحتفال ايليان بريدي الى كلمة الخريجين القتها الطالبة المتفوقة ايلسا نجيم، ثم صلاة التبريك للسفير البابوي والاباتي الهاشم، ألقى بعدها لحود كلمة اعتبر فيها "أن هذا اليوم المميز ثلاثي الابعاد، البعد الاول هو افتتاح هذا المبنى الجديد"، منوها بـ"إنجازات الدكتور فرنسوا باسيل الإنسانية والاجتماعية والوطنية خاصة على الصعيدين المصرفي والاقتصادي".

وأعرب عن شكره العميق لباسيل لما قدمه للجامعة عموما وللكلية خصوصا. وأعلن في البعد الثاني "قبول الاتحاد العالمي للتعليم الطبي (WFME) بملف كليتنا لتقييم الجودة والاعتماد العالمي. فتكون كلية الطب في جامعة الروح القدس إحدى الكليتين اللبنانيتين الوحيدتين اللتين وصلتا الى هذه المرحلة النهائية للحصول على الاعتماد الدولي للتعليم الطبي".

وقال:"أما البعد الثالث فهو الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من اختصاصيين وأطباء وممرضين".

وتوجه إلى المتخرجين بالقول: "جامعتكم، جامعة الروح القدس، كانت وستبقى المنارة إذا صادفتكم الظلمة والركيزة إذا واجهتكم الصعاب، لذلك أطلب منكم أن تكونوا كما أسلافكم، السفراء الاوفياء لرسالتها أينما حللتم، اليوم تنطلقون إلى آفاق جديدة في الحياة متسلحين بكم من العلم والمعرفة والاخلاقيات التي تشبعتموها في عائلاتكم وأغنيتموها في جامعتكم، جامعة الروح القدس، ابنة الرهبانية اللبنانية المارونية، الأمينة على تعاليم الكنيسة الكاثوليكية لاسيما في احترام الانسان، كل الإنسان، والحفاظ على كرامته التي هي عطية من الله".

حبيقة
وبعد مقطوعات فنية وغنائية بأصوات عدد من الطلاب المتخرجين، ألقى رئيس الجامعة كلمة، وصف فيها "جامعة الروح القدس، بجامعة الروح والعقل، جامعة الانسان والتميز".
وقال: "دعوني في مستهل كلمتي أن أعبر إلى قدس الأب العام عن صدق امتناننا وعمقه لأبوته المتشعبة التي تحفز فينا همة العطاء والاندفاع والسعي العنيد بدون كلل أو سأم إلى الأجود والأرقى. بفضل إحاطته المحبة والذكية والفطنة والهادفة لمؤسستنا، نرانا اليوم نصعد سلم الارتقاء في الجودة بقوة وزخم".

أضاف: "نحن في ضيافة مدينة الحرف والأبجدية، مدينة أجدادنا الفينيقيين الذين أورثونا عبقريتهم في تخزين ذاكرة البشرية ونسج شبكة علائقية مذهلة على مدى القسم الأكبر من الكرة الأرضية، وأورثونا فن نقل المعرفة عبر الكلمة الصامتة وتقنيات تقليص المسافات بين البشر. نحن في مدينة جبيل أي "جب إيل" أو "غب إيل" التي تعني مدينة عظيم الآلهة والتي تحمل الاسم الإغريقي بيبلوس، أي الكتاب، حيث تحتفل جامعة الروح القدس بنقل كلية الطب والعلوم الطبية من حرمها الأساسي في الكسليك إلى حضن بيبلوس، إلى حضن الكتاب، والذي ساهم بشكل فعال في هذا الانتقال الترفيعي إلى مساحات الكتاب، إنما هو، كما تعرفون جيدا، المصرفي الالمعي خريج الجامعة الكاثوليكية في بلجيكا بشهادة دكتوراه في الحقوق، رئيس مجموعة بنك بيبلوس، أي بنك الكتاب، وملهمه، الشخصية الجبيلية الفذة إبن الفيدار الدكتور فرنسوا باسيل".

وأردف: "تجدر الاشارة هنا إلى أن مساهمة الدكتور فرنسوا باسيل كانت الأولى من نوعها في أرشيف جامعتنا، فأصبحت خريطة طريق للإرادات الطيبة التي تنوي أن تسير في إثر الثقافة الأميركية التي ترى في المؤسسات التربوية والجامعية الرحم الجديد الذي منه سيولد المجتمع الآتي، من هنا ميسورو الولايات المتحدة الأمريكية يتبارون في منح هذه المؤسسات قسما من ثروتهم، إذ بحسب تفكيرهم، لا نفع من مال في مجتمع جاهل، وفاسد، ومتداع ومفكك".

وسأل: "من بمقدوره أن يعالج هذه الآفات غير المدارس والجامعات؟ وهذه هي نظرة الدكتور فرنسوا باسيل الذي يعشق بلد الأرز ويبذل كل شيء في سبيل تعزيز منعته وتفعيل عبقرية أجياله الصاعدة، خدمة لرسولية الكيان اللبناني في الشرق والعالم".

5b63f2fbdd44d 1

ووجه الشكر الى باسيل على صنيعه "الكريم والإنساني والتضامني"، لافتا الى ان "هذا الانجاز الكبير تحقق بفضل رؤيوية رئيس الجامعة السابق الأب المدبر البروفسور هادي محفوظ وحبكه شبكة علائقية نوعية من شأنها رفد الجامعة بالدعم المادي والأكاديمي والمعنوي". واشاد بالرئيس العام السابق الأباتي طنوس نعمة ونائب الرئيس للشؤون المالية الأب الدكتور جورج قزي، والمهندسين أنطوان دحدح ولويس الهاشم.


وشكر حبيقة "دير سيدة المعونات، ورئيسيه السابق الأب الدكتور ميلاد طربيه والحالي الأب جان بول الحاج، وجمهور الآباء على تسهيلهم إنجاز هذا البناء بفرح واندفاع، على أرض الدير، ومن المدير العام لمستشفى سيدة المعونات الجامعي الاب الدكتور وسام خوري على استضافته الكريمة لكلية الطب في حرم المستشفى"، مشيرا الى شهادة الـ ISO التي حصلت عليها المستشفى مؤخرا "بكل جدارة واستحقاق".


وتوجه إلى الخريجين بالقول: "إن فوجكم يكتسي طابعا خاصا. إنكم تتخرجون في حرم مبنى الدكتور فرنسوا باسيل لكلية الطب والعلوم الطبية. إن تخرجكم وتدشين المبنى الجديد متلازمان. هذان الحدثان سيبقيان محفورين في ذاكرتم مدى حياتكم".

وإذ هنأ الخريجين قال: "لا أغالي البتة إن قلت إن دراسة الطب في زمننا الحالي، نظرا لطول مدة التحصيل وتعقيدات المسار التحصيلي برمته، أصبحت مصدرا لاعتلال الصحة والأعصاب. أنا أحيي صبركم. وأنتم تعرفون جيدا أن في اللغات الأجنبية يسمى المريض Patient لأن عليه أن يصبر طويلا لاستعادة الصحة المفقودة. وبدوره الذي يقبل على تحصيل المعرفة الطبية عليه أيضا أن يكون صبورا".

وتابع: "إن الاسم الذي استصوبنا اختياره للتخرج هذه السنة إنما هو "الفرح". قرأت مؤخرا خبرا مازحا في الصحف يفيد أن الشرطة في لبنان ألقت القبض على لبناني مبتسم ومنفرج الأسارير وفرح واقتادته مكبلا إلى التحقيق لمعرفة الأسباب التي كانت وراء خرقه الفاضح لأنظمة الكآبة والتشاؤم والتجهم السارية المفعول. هذا الخبر على كونه دعابة مضحكة، يشي بشكل لا لبس فيه أن الفرح الحقيقي أصبح حالة مستعصية على إنسان اليوم.فبالرغم من كل شيء، لن نتدافع في مواكب اليأس. نحن أبناء الفرح الذي لا يذبل ولا يبوخ".

أضاف: "في رسالة مار بولس إلى أهل فيلبي، دعوة صريحة لعيش الفرح، عندما قال: "افرحوا بالرب كل حين، وأقول لكم أيضا: افرحوا (فيلبي 4: 4)، وعندما ربط، في رسالته إلى أهل قورنتس، مفهوم الفرح بالعطاء: "إن الله يحب من يعطي بفرح". ويقول أيضا القديس أغسطينوس: "إن شئت أن يكون فرحك ثابتا باقيا، إلتصق بالله السرمدي، ذاك لا يعتريه تغيير بل يستمر ثابتا إلى الأبد" لذلك " لا تدعوا أنبياء الويل يتسللون إلى مربع أحلامكم وانتظاراتكم. لا تدعوا التاريخ ومآسيه وخيباته يقتحم حاضركم ويحطم اندفاعاتكم نحو مستقبل زاهر. لا تنوحوا على أطلال الماضي، بل قولوا على الدوام اليوم الأجمل هو الآتي. إفرحوا بجامعتكم التي صنفت من قبل GreenMetric World University Ranking 2017 الجامعة الخضراء الأولى في لبنان. إفرحوا بجامعتكم التي منحت جائزة Gaïa العالمية في التنمية المستدامة، اعترافا بدورها الريادي في تنشئة الأجيال الصاعدة على حب الطبيعة والمحافظة على البيئة ومواردها وتوسيع المساحات الخضراء وفرز النفايات من المصدر والاستفادة من الطاقة الشمسية في توليد الطاقة النظيفة وحماية الحرم الداخلي من ثاني أوكسيد الكربون. إفرحوا بجامعتكم التي صنفتهاالمؤسسة البريطانية الشهيرة المتخصصة في ترتيب الجامعات في العالم Quacquarelli Symonds (QS) WorldUniversity Rankings بين الخمس جامعات الأولى في لبنان، وبين الـ 651 جامعة رائدة في العالم من أصل 28000 جامعة. إفرحوا ببلدكم لبنان العصي على الموت وصديق الحياة والمذكور في الكتاب المقدس أكثر من سبعين مرة رمزا للحياة والفرح. إفرحوا ببلدكم لبنان الذي وضعه البابا القديس يوحنا بولس الثاني على منصة المرجعية العالمية للدول المتعددة دينيا وثقافيا وحضاريا. إفرحوا بخطيب تخرجكم الدكتور فرنسوا باسيل الذي أبى إلا أن يشارككم فرحتكم هذه، وأن يمدكم بطاقة الفرح الدافعة إلى أرقى درجات التميز والتألق. إفرحوا بأهلكم الذين ما ضنوا بأي شيء لكي تتضافر لكم جميع مقومات النجاح والتفوق. كم حرموا أنفسهم من ضروريات الحياة لكي تتمكنوا أنتم من تحقيق ذاتكم وتنطلقوا بزخم في معترك الحياة. أنظروا إلى دموع فرحهم بكم وأنتم تتسلمون شهادتكم في الطب والعلوم الطبية. هذه اللحظة تختزل الزمن وتضحياته وتحوله إلى حاضر أبدي في حضن الفرح".

وختم قائلا: "كونوا أطباء الفرح، تحملون إلى المريض المتألم والمرتعد من استحقاقات الحياة القاسية والمدمرة، التفاؤل والاطمئنان والانتظارات الطيبة. بوجهكم البشوش وكلماتكم المعسولة والحنونة تؤمنون نصف العلاج، والنصف الثاني تتكفل به العمليات الجراحية والأدوية. أيها الخريجون، إنني أعلنكم فوج الفرح 2018".

باسيل
ثم سلم حبيقة درعا تقديرية لرئيس مجموعة بنك بيبلوس وراعي الاحتفال الذي ألقى كلمة لفت فيها الى أن "أعظم أفعال الإنسان فعل البناء". وقال: "فيه يقتدي المرء بربه في صفة الخلق والتكوين. وبناء جامعة يعني تشييد هيكل للإبداع، فيه يسمو مقام الفكر والعقل، وتترسخ القيم الإنسانية والروحية والوطنية عبر التجربة اليومية المعاشة. لأجل ذلك، نحرص على دعم المؤسسات الجامعية عموما، ولأجل ذلك، ساهمنا في تشييد هذا المبنى من مباني جامعة الروح القدس. فنحن نرمي، من خلال هذه المبادرة، إلى تأكيد هويتنا وثقافتنا، وإلى إثبات التزامنا الوطني والروحي. نحن جماعة أفعال لا أقوال. والنهوض بلبنان كان وسيبقى جزءا لا يتجزأ من مسؤوليتنا الشخصية والمؤسساتية".

وشدد على أنه "في الواقع، لا يسع المرء وهو يعايش جماعة الرهبانية اللبنانية المارونية وجامعة الروح القدس إلا أن يشعر بواجب الدعم إحساسا منه بكبر المسؤولية وتقديرا لسمو الرسالة. ومبادرتنا تندرج في إطار هذا الشعور بالواجب، وهذا الإحساس بالمسؤولية، ليس إلا. فالإنسان ابن بيئته، وفخرنا أننا خرجنا من هذه البيئة، لا عليها".

وأعرب عن "أصدق آيات التقدير والاحترام لأسرة الرهبانية اللبنانية المارونية جمعاء، ممثلة بشخص رئيسها العام قدس الأب العام نعمة الله الهاشم".

وحيا إدارة جامعة الروح القدس التي أتاحت له "شرف التحدث على منبرها"، بعدما أتاحت له مبادرة رئيسها السابق المدبر العام الأب هادي محفوظ "فرصة تجسيد مشروع البناء".
وتوجه إلى المتخرجين بالقول: "قد تكون فرحة التخرج من الجامعة أكبر فرحة في حياة الشباب، خصوصا أنها تأتي ثمرة سنوات من الجهد والمثابرة والترقب المفعم بالأمل والرجاء والتطلعات. وفي هذه المناسبة السعيدة، لا بد من تهنئتكم أولا، ومن ثم تذكيركم بضرورة أن تتحملوا أنتم بدوركم القسط المترتب عليكم من مسؤولية نراها ثلاثية الأبعاد، تجاه الذات والغير في آن: أولا المسؤولية المهنية فالنجاح في الجامعة لا يعني حكما النجاح في الحياة المهنية. فلهذا الأخير شروطه التي لا تتوافر إلا بالمثابرة والجدية ومواكبة كل تطور في ميدان اختصاصكم، ثم إن الكفاءة والسمعة الطيبة شرطان لازمان للنجاح في كل مهنة أو وظيفة، وفي كل القطاعات بلا استثناء، وتعزيز رصيدكم من الخبرة والنزاهة يكفل لكم تأمين مستقبل زاهر. وثانيا: المسؤولية المدنية، فالخريج الجامعي إنسان مثقف، وثقافته تفرض عليه مشاركة أبناء مجتمعه همومهم وقضاياهم، والنضال في سبيل حل أمهات المشاكل التي يعانيها الناس، سعيا إلى تحسين ظروف معيشتهم من مختلف النواحي. فالمثقفون نخبة في المجتمع، وعليهم واجب الالتزام بكل قضايا هذا المجتمع، لا التغاضي عنها وحصر اهتمامهم بحياتهم الشخصية والعائلية الضيقة. وثالثا: المسؤولية الوطنية".

أضاف: "من المؤسف أن انتماء الفرد عندنا لم يرق بعد إلى مرتبة المواطنية، وهو لا يزال في الحيز الضيق للدائرة العائلية والمذهبية والفئوية. من هنا إصرار جامعتكم على ترسيخ مفهوم المواطنة لديكم، أنتم الذين يعول عليكم لبناء مستقبل أفضل. والمواطنة مفهوم قائم على مبدأ التساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات أمام القانون، ومشاركتهم الواعية في إدارة الشأن العام عبر مزاولة حق الاقتراع والانتخاب وواجب المساءلة والمحاسبة".
وختم باسيل: "مبروك لكم ولنا مبنى كلية الطب والعلوم الطبية. مبروك للأحبة المتخرجين قطاف ثمار اجتهادهم، ولنعمل معا ودوما على بناء الإنسان، الذي هو رأسمال لبنان الأثمن والأبقى".

وفي ختام الاحتفال، تم تقديم جائزة الدكتور الراحل إيلي شلالا، تخليدا لذكراه للطالبة المتفوقة في كلية الطب والعلوم الطبية في شهادة دكتور في الطب العام مابيل صفير. ثم وزع حبيقة وباسيل ولحود الشهادات، على الخريجين، والتقطت الصورة التذكارية.