مطر في تخريج طلاب الحكمة: إنها رسالة في التربية والوطنية والإنسانية
رعى رئيس أساقفة بيروت ولي الحكمة المطران بولس مطر إحتفالات تخريج أكثر من 500 طالب وطالبة من مدارس الحكمة في بيروت وبرازيليا-بعبدا وجديدة المتن وعين سعادة وعين الرمانة، ألقيت فيها، كلمات لرؤساء المدارس ولممثلي الهيئات التعليمية الخريجين.
وألقى المطران مطر كلمة أكد فيها أن "الحكمة التي تأسست منذ 142 عاما مسترة في رسالتها الثقافية والوطنية في تربية أجيال متسلحة بالإيمان والمعرفة وحب الله ولبنان"، وقال: "أشكر أولا الخريجات والخريجين الذين أعطونا هذا المساء، جرعة فرح وأمل ورجاء للمستقبل وجرعة محبة. نهنئكم من صميم القلب، ونواكبكم بصلواتنا وأدعيتنا لتكونوا مستقبلا زاهرا. أنتم تعطون صورة بهية عن الحكمة المستمرة دائمة، ما دام لبنان".
أضاف: "هذه الحكمة الضاربة في التاريخ، مرتبطة بلبنان، مساهمة في مصيره، وقال عنها المربي الكبير حسيب عبد الساتر، إنها عمود من أعمدة لبنان. نحن فخورون بهذا التراث، نريد أن يكمل وأن يوظف في خدمة لبنان المستقبل. نحن، هذا المساء، نفرح فرحا كبيرا بالحكمة وفي الحكمة. وأقول لكم، هوية الحكمة مرتبطة بالهوية اللبنانية منذ البداية.المثلث الرحمة، المطران المؤسس يوسف الدبس عام 1875، أراد للحكمة أن تكون مدرسة لصهر اللبنانيين في ما بينهم، بعد أحداث 1860. كانت نكسة للبنان، فقال سنبني المستقبل على ركيزتين: العلم والأخلاق. وحكمة اليوم، ركيزتاها، العلم والأخلاق معا. لذلك، أيها الأحباء الخريجون، أظهرتم في يوم تخرجكم، أنكم أهل علم. رفاقكم تكلموا باسمكم كلاما جيدا وبعدة لغات، أنتم أظهرتم قدرة على الحياة، فإني أهنئكم من صميم القلب. أما القيم فأنتم تعيشونها بقناعة ولن تتركوا الحكمة، وإن تركتموها جسدا، فهي ترافقكم لأنها ملهمتكم من الآن وحتى النهاية".
وتابع: "الحكمة هي جمع بين العقل والقلب. العقل من دون القلب جفاف والقلب من دون العقل تهور. فإذا ما اجتمع العقل والقلب معا، كانت الحكمة. أتمنى أن تبقى الحكمة رفيقتكم لأنها، قبس من روح الله ومن أنواره على ضمائركم وعقولكم وقلوبكم. الحكمة سماوية هي وأنتم مدعوون لأن تصبحوا، أيضا، فوق الأرض، سماويين متطلعين إلى فوق. الحكمة مبنية على وحدة اللبنانيين ومحبتهم بعضهم إلى بعض. في الحكمة اعتاد اللبنانيون، مسلمون ومسيحيون أن يتحابوا ويتفاهموا فبنوا لبنان. لذلك سوف نكمل هذا التراث، لأن لبنان سيكون حجر الزاوية اليوم وغدا كما كان بالأمس، بالنسبة للمنطقة بأسرها".
وقال: "الحكمة تتطلع إلى اللغة العربية، تجيدها لأنها مرتبطة بمصير كل العرب، هم أقرباء إلينا. نتمنى لهم أن يأخذوا روح الحكمة فتتوقف حروبهم ونزاعاتهم، هم جماعة يجب أن يكونوا بكليتهم متحابين، متضامنين، يقبلون بعضهم بعضا. على صورة لبنان يكون مصير العرب وإلا سيكون مصيرا صعبا. لذلك اللغة العربية والحكمة منذ البداية، يعني ارتباط بالجيرة العربية كلها. والحكمة، أيضا، إنفتاح على الدنيا بأسرها، على القيم العالمية، على حقوق الإنسان، على الكرامة البشرية. نحن أحببنا أدب الغرب، ولكننا نبقى على الدوام نحاكم أي إنسان يترك قيمه، ربما بعض الغرب ترك بعض قيمه اليوم. نتمنى له أن يستفيق، أن يعود إلى ذاته، إلى إيمان الآباء والأجداد. الإنسان من دون الإيمان لا قيمة له، يضيع قيمه كلها. ولذلك الحكمة تجمع الشرق والغرب معا، كما قال البابا الراحل، القديس يوحنا بولس الثاني، لبنان هو أكثر من وطن هو رسالة. والحكمة في لبنان رسالة هي، لا في التربية وحسب، بل في الوطنية والإنسانية كلها".
أضاف: "هذه هي مدرستكم، أيها الأحباء، أخذتم منها الكثير الكثير، أدخلوها إلى قلوبكم وابنوا لبنان الجديد بكل جوارحكم وكل طاقتكم. وأنتم تعرفون أن الحكمة، بجامعتها ومدارسها، تخرج كل عام أكثر من ألف ومئة شاب وشابة. جامعتنا لامست ال 4 آلاف طالب بفترة 15 سنة، ولها اليوم أن تفرح بكلية جديدة، هي كلية الهندسة المتخصصة بالنفط وكل الأمور الحديثة هندسيا، بنينا لها بناء جميلا جديدا. الجامعة تخرج أكثر من 600 طالب كل سنة والمدارس حوالي 500 طالب، أي أنكم لستم وحدكم. أنتم رفاق تنزلون إلى الساح بروح واحدة ومحبة واحدة وبطاقة واحدة، وإنكم سوف تكونون من الناجحين إن شاء الله".
وقال: "طبعا، هناك قول باللغة الفرنسية، نقوله باللغة العربية، الرجال والنساء، أيضا، لا يعدون، بل يزانون. أنتم تزانون لا تعدون والنوعية لها علاقة مع العدد، أيضا. نحن نثق بكم، كما وثقتم بنا. نشكر أهلكم على ثقتهم التي دفعتكم إلينا، ونتمنى على كل قدامى الحكمة، أن يكونوا أكثر وفاء لمدرستهم، لأنها أم البنين كانت وستبقى. الأم لا تنسى أولادها ولا نريد أن ينسى الأولاد أمهم، أبدا".
وختم: "نتمنى عليكم أن تبقوا وستبقون على هذا الوفاء. نشكر الله من أجلكم، سوف تكونون من الناجحين، لأنكم أنتم، الحكمة النازلة إلى الساح ونزولها مبارك، أمس واليوم وإلى الأبد. فرحتنا كبيرة بالخريجين، وسوف تبقى فرحة دائمة".
وشهدت الإحتفالات مشهديات مسرحية وغنائية راقصة، سلم الخريجات والخريجون في نهايتها، الشعلة إلى ممثلي الصف الثاني ثانوي وأدوا قسم الوفاء لله ولعائلتهم ولمدرستهم.