خوري من الكسليك في اليوم العالمي للمسرح: نجاح وزارة الثقافة يقاس بنجاح المبدعين والمؤسسات الحاضنة لهم
نظمت جامعة الروح القدس - الكسليك، بالتعاون مع السفارة الأميركية في لبنان مؤتمرا دوليا بعنوان "المسرح الديمقراطيات والأوتوقراطيات"، بمناسبة يوم المسرح العالمي، في حضور وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري، ممثل السفارة الأميركية في لبنان رئيس مكتب الدبلوماسية العامة في السفارة الأميركية في بيروت آلان هولست، النائب الأول لرئيس الجامعة وممثله في المؤتمر الأب يوحنا عقيقي، نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال الهاشم، عميد كلية الموسيقى الأب بديع الحاج، مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة مسرح المدينة نضال الأشقر، رئيسة برنامج الفنون المسرحية في الجامعة الدكتورة لينا سعادة جبران، المخرج ناجي صوراتي وحشد من الفاعليات التربوية والفنية والاجتماعية والأساتذة والطلاب، في أوديتوريوم كلية الموسيقى في الجامعة.
جبران
بعد النشيدين اللبناني والأميركي وكلمة تقديم، ألقت جبران كلمة تحدثت فيها عن مشروع "المسرح والديمقراطية" الممول من السفارة الأميركية في لبنان وكانت نتيجته إنتاج مسرحية لمدة 45 دقيقة تحت عنوان "ديموسكراتوس" (أي الديمقراطية في اليونانية)، عرضت في مسرح المدينة.
ولفتت إلى أن "هذا البرنامج جاء نتيجة التعاون بين محترف الفنون المسرحية في الجامعة والسفارة، كنشاط علمي ولغوي يهتم بالديمقراطية وممارساتها في العقد الثاني من الألفية الثالثة. ويتمحور عملنا حول المواضيع التالية: هل هناك ديمقراطية فعلية بعد بيريكليس؟ هل يكفي أن يدعى بلد ديمقراطيا ليكون ديمقراطيا فعلا؟ هل الديمقراطيات تأخذ أشكالا مختلفة؟ هل من الممكن نشر الديمقراطية والدعوة إلى ممارستها عبر الفنون والمسرح في البلدان الأوتوقراطية؟ هل المسرح هو ديمقراطي بجوهره؟ ما هي العلاقة بين الديمقراطية والرقابة؟ هل علينا أن نتحدى النظام القائم للوصول إلى الديمقراطية؟".
وختمت: "يضم هذا البرنامج طلابا حاليين ومتخرجين من مختلف أقسام كليات الجامعة، مثل قسم الموسيقى والصحافة والهندسة المعمارية وعلم النفس والتربية، وطبعا قسم الفنون المسرحية وهو يهدف أولا إلى تعزيز الحوار والتعبير والفكر النقدي في اللغة الإنكليزية، وثانيا إلى نشر الالتزام المجتمعي وقضايا حقوق الإنسان بين طلابنا من خلال الفنون المسرحية".
الأشقر
ثم تحدثت الأشقر لافتة إلى أن "لبنان هو بلد جميل بجباله ووديانه وبحره وأنهاره، ولكن ماذا تبقى من كل ذلك؟ الجبال شوهتها الكسارات، البحر لوثته النفايات، لا كهرباء ولا مياه. وإزاء هذا الواقع، تفرض السلطات الرقابة على المبدعين والمبدعات وعلى كل ما هو جميل ورائع في هذا البلد الذي يضرب فيه المثل كبلد الإشعاع والنور. هذا ولا تزال الرقابة قائمة، حتى يومنا هذا، إذ شهد أسبوع السينما اللبنانية، الذي حدث خلال الأسبوع الماضي، حذف لبعض مشاهد في الأفلام المشاركة. وفي النهاية، لا لزوم لهذا القمع والرقابة لأن الفنانين المبدعين قادرون أن يساعدوا الجمهور والرأي العام أكثر من السياسيين".
عقيقي
وكانت كلمة لعقيقي اعتبر فيها أن "المسرح والسياسة قصة لهو من عمر الدراما، من عمق المفهوم الضارب في البدايات، من جوهر الذات اللاعبة على خشبة الوجود، الراقص على وتر الإحساس الأولي للحياة، غلمة (غريزة) تؤسس لشطحات الخيال، لجمالية فوق الجمال وما بعد الطبيعة".
وتابع: "هذا هو المسرح، نص، وخشبة وقاعة كاتب وممثل ومشاهد، ثالوث فني يربط الكلمة بالحركة وبالحس، بالانفعال، بالتمري وبالتماثل، "بالعقل بالخلايا وبالجسد"، (شكيب خوري). ثالوث يؤطر الفكرة في زمان ومكان محددين ليطير بها رسالة نابضة تدق باب القلوب الحائرة الرافضة أو الصاغرة. وفي كل ما يرفع عنه الستار إحياء لواقع نريده أفضل، لاجتماعية سياسية يتساوى فيها الغني والفقير، العبد والسيد، الكبير والصغير، لتتوكد في النهاية حبكة العيش في نظام جامع، الكل فيه بطل، وكاتب ومشاهد. أليست هذه هي اللعبة الديمقراطية الحقة التي أرادها الإغريق وعجزوا عن تحقيقها؟ هم الذين لم يعرفوا المساواة ولا العدالة إلا في النصوص، وعلى منابر التدريس، وبقيت العقدة الأساسية في نقلها إلى الساحة العامة، ساحة الشعب، حيث تتكرس المفاهيم وتتجذر في أرض الواقع".
خوري
وألقى الوزير خوري كلمة قال فيها: "حين أكون على منبر جامعي، أشعر برهبة المكان، وبهيبة العلم، فأنا بين رواد المعرفة، من أساتذة وباحثين وطلاب، هم أيقونة لبنان، فخره وعزه ومستقبله. وينتظرون كلمة من "وزارة الثقافة"؟، علما أن هذه الوزارة هي فقط الراصدة للثقافة في الوطن، والمشاركة في أفراحها".
أضاف: "أما النجاح، نجاح وزارة الثقافة، فيقاس بنجاح المثقفين، المبدعين، بنجاح المؤسسات الراعية، الحاضنة لهم. هكذا أنا اليوم مشارك وسعيد جدا في صرح جامعة كبيرة، عريقة تحتفل باستمرارها في نشر المعرفة، وباستحداثها برنامجا جديدا".
وأكد "أن هذا البرنامج علمي وفني وإنساني معا، ولن أقول بأنه بعيد عن "الروح القدس" لا، فإذا كان الروح القدس مباركا للانسان، ليحل في قلبه المحبة والسلام، فهذا البرنامج، مهما كان اختصاصه الدقيق، هو أيضا، مبارك، لأنه يقصد تعليم الإنسان: في اكتشاف نفسه وفي عرض ذلك على الآخرين".
وسأل: "ألم يكن المسرح في أدبياته التارخية أبا الفنون؟ ليس لأنه الأول كما - كتبوا - بل لأنه حاضن لأنواع أخرى من الفنون، ربما هي كل الفنون، من رسم وتزيين وحركة وموسيقى ومؤثرات مشهدية".
وتابع: "أبو الفنون، الذي كانت انطلاقته دينية منذ الإغريق، حين كان مشهدا طقسيا للعبادة، رعته الكنيسة، فيما بعد لتطلق منه مفهومها للقيم والأخلاق. هذا قبل أن يصير المسرح للشعب فتصادر نصوصه النظريات والأفكار لتلعبها على المسرح: ضاحكة، أو باكية، مسلية، أو معلمة. وها نحن اليوم، مع البرنامج المسرحي الجديد، في جامعتكم، ننتظر نتائجه، وأنتم تطلقون له عنوانا يشي بالسياسة، أو بالواقع، أو بأزمات الحاضر. ترى هل المسرح هو دائما يقصد تمثيل الواقع، أو الإيهام بمستقبله، أو الإبهار بمشهديات جمالية، ربما عبثية، أو تجريبية؟ أسئلة هي مفتاح العلم، كما ينقل الأثر الصالح، وبلا أسئلة، لا تكون هناك مقاربات للاجابة، ولا انفتاح على الجديد في المعرفة، هكذا علمتنا الجامعات، وهكذا علمنا أساتذتنا، وكلنا طلاب علم وسنبقى".
وختم: "بوركت أيديكم في رعاية طلاب واعدين، بوركت جامعتكم حاضنة للعلم والعلماء، بصدق المؤمن، برؤية المسؤول، بوركتم جميعا وأنتم تعيشون المحبة في زمن الصوم".
مسرحية
ثم عرض طلاب محترف الفنون مسرحية في الجامعة 20 دقيقة من مسرحية "DEMOSKRATOS"، من إخراج ناجي صوراتي. وهذه المسرحية نتاج ورشة عمل نظمها محترف الفنون المسرحية في الجامعة بالتعاون مع السفارة الأميركية وشارك فيها عدد من الطلاب الذين شاركوا في ورشة العمل هذه.
تقوم المسرحية على إلقاء المشاركين لخطابات تتمحور حول موضوع "الديمقراطية" الأمر الذي عكس العمل المبدع للطلاب ولفكرهم النقدي بالنسبة إلى الديمقراطية كمفهوم أو كواقع. وتهدف المسرحية إلى طرح سلسلة من الأسئلة حول الديمقراطية وليس إلى إيجاد الإجابات عليها: هل الديمقراطية حقيقة؟ خيال؟ مثالية؟ نظرية؟ هل هي محترمة؟ هل تطبق بطريقة صحيحة؟ هل يمكن أن تصبح بالية قديمة؟ هل تحتاج إلى تنقيح؟ وقد قدمها الطلاب على مدى ثلاثة أيام في مسرح المدينة، في الحمرا.
هولست
ختاما، كانت كلمة هولست أشار فيها إلى أن "العالم، اليوم، يعتبر التعددية تهديدا كبيرا. ولكن العكس هو الصحيح، التعددية هي مصدر قوتنا واتحادنا. التعددية هي إحدى أوجه الديمقراطية، والديمقراطية ليست مجرد فكرة سياسية بل فكرة ثقافية. وعندما يكون الفن ديمقراطيا ومتعددا يقدم الكثير الكثير إلى مجتمعه".
وتوجه إلى الطلاب بالقول: "تابعوا مسيرتكم بأن تكونوا عاملا إيجابيا باتجاه التغيير واستخلصوا الخبرات والمهارات من هذا البرنامج. إذا آمنتم بنفسكم وبوطنكم ستحدثون، حتما، فرقا شاسعا".
توزيع الشهادات
اختتم الافتتاح بتوزيع الشهادات على الطلاب العشرين الذين أكملوا التدريب في مشروع "المسرح والديمقراطية".
طاولات مستديرة
ثم انعقدت خمس طاولات مستديرة على مدى يومين، شارك فيها عدد من الاختصاصيين بشؤون الدبلوماسية والسياسة والفن والمسرح، تمحورت حول مواضيع: الديمقراطيات في التاريخ، الديمقراطية والمسرح، الرقابة والدعاية، المسرح، تشكيك بالنظام القائم، الديمقراطية في المسرح، النشاط المسرحي وإنشاء نظام سياسي جديد.