دراسة في علم الوراثة كشفت عن معطيات في انماط هجرة السكان من جنوب غرب آسيا خلال العصر الجليدي
أعلنت الجامعة اللبنانية الأميركية في بيان، عن دراسة حديثة تم نشرها في السادس من الشهر الحالي في المجلة العلمية "Scientific Reports"، بقيادة الباحث في علم الوراثة في "الجامعة اللبنانية الأميركية" البروفسور بيار زلوعة تكشف عن "معطيات في شأن عزلة وانماط هجرة السكان من جنوب غرب آسيا خلال العصر الجليدي الأخير وبعده.
وتؤكد الدراسة الحديثة، التي أشرف عليها زلوعة وجود مجموعات سكانية معزولة حول البحر الأسود وشمال بلاد الشام خلال العصر الجليدي، فبالإستناد الى مفهوم الملجأ "Refugia" في الجغرافيا الحيوية التاريخية (أي المناطق التي استمرت فيها الأنواع خلال الفترات المناخية القاسية مثل جليديات العصر الجليدي بينما انقرضت في أماكن أخرى)، كانت المجموعات السكانية تعيش بعيدة عن بعضها البعض من دون تواصل أو اختلاط لأكثر من 25 ألف عام، ما سمح وفق زلوعة بتراكم العلامات الوراثية المميزة الخاصة بكل ملجأ أو ملاذ (Refugium).
وضم الفريق العلمي الباحث في علم الوراثة وعميد الدراسات العليا والبحوث البروفسور زلوعة وباحثين من جامعات "اوتاغو" في نيوزيلندا و"القديس يوسف" في لبنان والشركة التكنولوجية "IBM" وعمل الفريق على جمع البيانات الجينية الجديدة ودراستها".
زلوعة
وقال البروفسور زلوعة ان "الدراسات في علم الآثار تحدد وجود السكان في بعض المناطق من دون أن تظهر أن هذه المجموعات السكانية كانت معزولة".
وأضاف:"لم ينحصر عمل الباحثين على تأكيد وجود الملجأ بل تتبع الباحثون هجرة السكان بعيدا عن مكان عزلتهم بعد الذوبان الجليدي الاخير (منذ نحو 15 ألف عام) من خلال رسم خرائط البيانات الجينية ومطابقتها مع البيانات الأثرية، والبليونتولوجية (علم الأحياء القديمة أو الاحاثة)، والبيانات المرتبطة بعلم النباتات القديمة (Paleobotanical) والمناخية".
وتابع:"قام الباحثون باعادة بناء التوسعات السكانية من الملجأ المحلي في جنوب غرب آسيا من خلال استخدام علامات الصبغي (كروموسوم) "Y" (واحد من الصبغين الجنسيين)، والبيانات المرتبطة بالصبغي الجسمي (صبغيات غير مرتبطة بالجنس)، نعرف اننا نحن في بلاد الشام هاجرنا عبر الشمال منذ نحو 12 ألف عام وليس مباشرة من أفريقيا".
وأشار زلوعة الى أن "نتائج الدراسة تغني فهمنا للانتروبولوجيا التاريخية ولأثر المناخ الهام على اسلوب الحياة الذي نعيشه، أجبر العصر الجليدي السكان الذين كانوا صيادين على التنقل من مكان الى آخر وعلى العيش في مناطق محددة حيث تسمح الظروف بالسكن، ما أدى الى نمو المجتمعات التي تعيش في الملجأ، وكشف الفريق البحثي عن وجود ملجأ لم يكن معروفا من قبل".
وقال الى أن:"الدراسة لم تحدد العلامات الوراثية المتوقعة في الملجأ حول البحر الأسود وشمال بلاد الشام فحسب بل تحدد أيضا، العلامات الوراثية لملجأ في شبه الجزيرة العربية لم يحدده علم الآثار من قبل، وتكشف الدراسة تفاصيل مسارات توسع المجموعات السكانية الى اوروبا والى شمال أفريقيا، وتتضمن نتائج الدراسة نقاشا علميا في شأن وجود روابط محتملة بين هذه الهجرات ومختلف الأحداث الثقافية والمناخية الواضحة في السجل الأثري ما قبل 15 ألف عام".
وفي الختام، أكد زلوعة ان "هذه الاكتشافات العلمية لم تكن متوقعة، نحن لم نتفق على اظهار شيء محدد على وجه الخصوص بل جمعنا البيانات مع الأدلة المناخية والأثرية، وهذا ما ادى الى الكشف عن معطيات علمية ذات معنى".