يوم أمين معلوف في جامعة الروح القدس


وافتتحت البروفسورة هدى نعمة، عميدة كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية في الجامعة، برنامج هذا الحدث الذي جرى في قاعة المؤتمرات في حرم الجامعة الرئيسيّ، مظهرةً من خلال كتاب "الهويات القاتلة" (Identités meurtrières) كيف يدخل معلوف إنسانيةً جديدة لمصلحة الحداثة القادرة على احتواء ثروات العالم الثقافية جميعها.
ثمّ قدّمت البروفسورة ميراي عيسى، مؤسِّسة مركز دراسات أميركا اللاتينية في كلية الآداب في الجامعة عرضًا يغطّي مجمل النتاج الروائي التابع لأمين معلوف لتظهر أنّه على الرغم من صعوبة القيام بقراءة تجانس روايات أمين معلوف، نجد أنّ أبطال هذه الروايات، بتعدّدهم، يمثلون بعدًا من أبعاد شخصيّة مبتكرهم. فحسن زيّات أو ليو الإفريقي أو ماني المنوّر من رواية "حدائق النور" (Jardins de lumière) أو عمر خيّام من :سمركند (Samarcande) أو أسيان من "سلالم المشرق" (Les Échelles du Levant)، هم جميعًا من بين الشخصيات التاريخية المشهورة من دون أيّ شكّ التي أُظهِرت كشخصيات أساسية بعد المرور في التواءات الخيال. ومن خلال تعدّد المساحات التي ترمز بشكل أساسي إلى محوري الشرق/الغرب والشمال/الجنوب في إظهار حقبات زمنية واسعة في قرون مختلفة، يبدو أنّ أمين معلوف أراد احتضان العالم.
وتناولت الدكتورة مايا خالد حداد، كاتبة أطروحة حول معلوف ومدرّسة في الجامعة اللبنانية، مسألة المزج اللغوي وبخاصة الثنائية اللغوية المتواترة في روايات هذا الكاتب التي تسلّط الضوء على تعقيد المسألة وفائدتها من خلال مقاربة أسنية واجتماعية ثقافية.
وفي هذا الإطار، أوضحت الدكتورة نجوى أسعد، مدرّسة وباحثة في مجال الألسنية وحائزة على جائزة الرابطة الدولية للدراسات الفرنسية في العام 2003، على مقالتها حول أمين معلوف، أنّ اللهجة اللبنانية في رواية "صخرة طانيوس" (Le Rocher de Tanios) هي نتاج الروح الخلّاقة وبرغبة في التعبير يمزج ما بين ما هو ملموس وما هو مجرّد ممّا يؤدي إلى تقلّب في اللغة. وبالتالي، نشأت عملية تأمّل أدّت إلى مزج لغوي حيث يكون الكاتب هو المازج الذي ابتكر مجموعة من الاستعارات النحوية والمعجمية المجازية المتأتّية من تناغم تام بين اللغة المصدر واللغة الهدف.
أمّا الدكتور نجيب عبدو، فقد ختم سلسلة المداخلات بعرض حون رواية "التائهين" (Les Désorientés) التي ربما تروي قصة آدم، تروي، من دون أيّ شكّ، قصة كاتبها. ويمكننا أن نتساءل: كيف نعيش الذنب الذي يلازم اللبنانيّ الذي لا يحدّ نفسه بلغته وثقافته، بل يحتاج إلى مزجهما لفهم ما هو عليه. كيف نؤمّن هويّة وانتماء ضائعين بسبب تعدد ثقافاتنا؟ تعطي الرواية إجابة لنزاع التائهين هذا، نزاع الجنسية المزدوجة، ولمَ لا، تعريف الإنسان كمواطن من العالم.