اليسوعية احتفلت بتسليم جائزة ميشال إده دكاش: كان المادح الدائم للعيش المشترك
احتفلت جامعة القديس يوسف بتسليم جائزة ميشال إده، في اوديتوريوم فرنسوا باسيل - طريق الشام، بحضور الرئيس ميشال سليمان وشخصيات سياسية وعسكرية واكاديمية ودينية ولجنة الجائزة.
دكاش
بعد ترحيب من مدير مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد البروفسور باسكال مونان ومن نجل ميشال اده المؤسس الشريك "موركس" ومؤسس متحف "ميم" للمعدنيات سليم اده، هنأ رئيس الجامعة الدكتور سليم دكاش الفائزين بجائزة ميشال اده والتي هي "اطروحة دكتوراه حول الحكم الرشيد في بلادنا وتستحق ان تعتبر اكثر من جائزه، انها تحمل في طياتها قيمة الوصية المتسمة بطابع سياسي ووطني". وقال: "عمل من اجل لبنان، لبنان العيش معا ضمن جماعاته، العيش معا في لبنان الحريات والعدالة الاجتماعية سوف يستمر على الاقل هذا المشروع لفترة من الوقت كعمل ينجز لصالح الاصلاح السياسي في بلادنا".
أضاف: "عاش ميشال اده العديد من المراحل الحياتية، كان مثالا يقدم نفسه ليس فقط ككاتب ولكن كبطريرك من دون ان يسمي نفسه بطريركا، انما كان بطريرك العائلة الانسانية الكبيرة، بيت إده. كان يحب التحدث عنها الى محاوره وهو الذي كان يذكر اسماء ومغامرات ودراسات اولاده واحفاده وحفيداته، صحيح انه كان يتحدث عن عائلته الا انه من خلالها كان يتحدث عن تلك القيم العليا التي تمثلها الاسرة والعائلة كنواة اجتماعية مؤسسة لمجتمعنا اللبناني حيث يجب دعمها ومساندتها، وهي التي بدأت حالها تتدهور في هذا الزمن التعيس. وكان في حديثه هذا يتكلم افضل من شخص لاهوتي اجتماعي، وكان جزءا من انتظامها الاجتماعي والتضامني يستند الى القناعة التي لم يكن يستطيع ان يبحث عن اتجاه لها".
وتابع: "إذا كان لبنان يقوم من الموت ويقف على قدميه فهذا يعني ان عائلاتنا عادت واصبحت متينة لمواجهات المستقبل واضطراباته. ميشال إده وهو الماروني الاحمر كما كان يطلق عليه من تسمية، وما كان ابدا ليتذمر من هذا اللقب نظرا لمحبته للفقير، تحول الى البطريرك المدني للجماعة المارونية من خلال انشاء المؤسسة المارونية للانتشار وتحفيز رسالتها لانه كان يبحث مرة اخرى على جمع الأسر والعائلات المارونية في جميع انحاء العالم حول قضية لبنان بلد الرسالة واحترام التعددية والحريات. هذه النوعية التي تجمع وتوحد تقودني للتحدث لا عن ميشال إده السياسي وهو مصطلح لم يكن يعجبه، بل عن ميشال إده رجل الدولة. ان مهنته كمحام قادته الى الاختلاط في الدوائر السياسية في بيروت واقامة علاقات مع الوجوه السياسية منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى وفاته، وكونه قطبا من الاقطاب الاعلامية فقد حثه ذلك على اتخاذ هذا المنحى لتخبرنا حياته عن صفات رجل الدولة على عكس السياسة، هو في خدمة الدولة والوطن والشعب، والدولة ليست ابدا في خدمته او في خدمة مصالحه".
وقال: "كان هنا يدافع عن الصالح العام وليس للاستفادة منه، وهو الذي يصنع المستقبل بكلمته الحقيقية المفعمة بالحكمة والعقل وليس بكلام سفسطائي ديماغوجي، رجل الدولة يتمتع برؤية للتاريخ وليس بالنظرة المحدودة الناتجة عن رده فعل فورية. لقد كان يقدم دروسا متماسكة للغاية حول العلاقات بين الدروز والموارنة وحول تكون المجتمع اللبناني، حول الصهيونية واختلافها عن اليهودية، حول العالم العربي والشخصيات العظيمة، حول النهضة العربية ورجالاتها، وكان يتمتع بتلك النظرة الثاقبة من اجل تطوير رؤية لبنان المستقبل في تفاصيله الدستورية والجامعية والاجتماعية والاقتصادية استنادا الى معلمه وملهمه ميشال شيحا باني الدولة اللبنانية دستوريا. كان ميشال إده يتمتع بتلك الصفة الاخرى اي الشجاعة الشخصية التي مارسها خلال تبوئه خمس مرات منصب وزير، داعيا الى الحكم الرشيد للبلاد ومنتقدا المواقف التي لا تخدم النزاهة واستقلال لبنان".
أضاف: "لا يمكنني التحدث عن هذه الجوانب القوية في شخصيته من دون ان اذكر الدور الذي قام به كرئيس لجمعية متخرجي اليسوعية، وهو المتخرج سنة 1948 من كلية الحقوق مع رفيقيه العزيزين الرئيسين الياس سركيس ورينيه معوض، اكمل دور الرئيس شارل حلو تجاه قدامى المدرسة الثانوية لجامعة القديس يوسف في بيروت التي اصبحت مدرسة سيدة الجمهور. لم يكن ذلك المنصب فخريا او هامشيا بل اعطى نفسه من اجل التعليم والمؤسسات التعليمية ورسالة الرهبنة اليسوعية التي كان يكن لها المودة الخاصة في كل مرة كنا نلتقي، ولانه كان عضوا في المجلس الاستراتيجي للجامعة كان يطرح علي الاسئلة حول جميع جوانب الحياة الجامعية وكان يطمئن بشأن تقدم المؤسسة يسألني عن عدد الطلاب وعن الحال المالية وحال الفرنكوفونية امام هجمة الانجلوفونية لم يكن يتردد في اظهار تضامنه وارادته بالعطاء، وكان يقوم بذلك بفرح لان التعليم المدرسي والجامعي بالنسبة اليه ومن خلال المؤسسات الجامعية مثل جامعة القديس يوسف والجامعة الاميركية كان مفتاحا للنجاح بالنسبة للكثيرين وخاصة اولئك القادمين من الطبقات المتوسطة والدنيا وهم اساس التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في لبنان".
واردف: "خلال انتقاله الى التعليم العالي كوزير دعم الجامعة اللبنانية دعما كبيرا واستمر، لكنه جاهد كي لا تكون تراخيص جديدة لجامعات جديدة مما قد يضر بمصداقية الشهادات الجامعية اللبنانية، وكان محقا في ذلك الموقف الحصري نظرا لما رأينا ونراه اليوم من اخطاء فادحة فى هذا المجال. كان ميشال إده المادح الدائم للعيش المشترك بين الجماعات، وهو تعبير اخذه من الجنرال شارل ديغول، وكان يعرب عن رغبته في تكرار جملة "في بلد غير متجانس مثل لبنان يجب ان تضمن الديمقراطية الحقيقية ايضا وقبل كل شيء الحق في الاختلاف واحترام الاخر وقبول الاخر في اختلافه لان هذا الاخر غنى في حد ذاته لنا".
وختم: "يعد تعبير العيش المشترك تعبيرا اساسيا في القاموس السياسي للجمهورية بقدر ما يشرع الابواب في المواطنة التي يطالب بها اليوم وبشدة، جزء كبير من اللبنانيين الذين ما عادوا يريدون ان ينظر اليهم كعملاء، وأسوأ من ذلك، كعبيد يباعون بعملات طنانة يصعب صرفها وهم يريدون ان ينظر اليهم كمواطنين يتمتعون بالحرية والمسؤولية. ميشال اده كنت من افراد هذه الجامعة وكان ذلك من اجل العدالة الاجتماعية في الاوقات العصيبة التي يرزح بلدنا تحت وطأتها، يحتم علينا الواجب ان نكرمك من اعماق القلب والفكر".
الجائزة
وبعد شهادتين في الجائزة وصاحبها قدمتهما البروفسورة فاديا كيوان والصحافي والباحث انطوان سعد، أعلن مونان اسمي الفائزين وهما جومانا نحاس وعلي الامين، وتم تسليمهما الجائزة.