حمادة في توقيع إتفاقية بين الجامعة الاميركية في بيروت واليسوعية:التنافس الخلاق بين الجامعتين جعل من لبنان ما هو عليه اليوم

وقع رئيسا الجامعة الاميركية في بيروت فضلو خوري والجامعة اليسوعية الاب سليم دكاش، مذكرة تفاهم في قاعة مبنى كولدج هول في الجامعة الاميركية، في حضور وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس الامناء في الجامعة الاميركية فيليب خوري واعضاء المجلس، وفد المجلس الاستراتيجي في الجامعة اليسوعية والذي ضم الوزراء السابقين: بهيج طبارة، وليد الداعوق ونايلة معوض، رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر وفاعليات.

خوري
بداية، تحدث خوري وقال:"خلال السنتين والنصف من رئاستي للجامعة الاميركية في بيروت لم تتغير فكرتي ابدا حول ضرورة تقوية قطاع التعليم في لبنان من اجل تحقيق تطلعاتنا واهدافنا وحاجاتنا"، وشدد "على انه علينا جميعا ان نعمل كفريق وجسم واحد من اجل خلق معرفة جديدة وتأمين فرص جديدة لمتخرجينا".

ولفت "الى التقارب الكبير بين الجامعتين الاميركية واليسوعية، فكلاهما مضى على انشائهما ما يقارب ال 150 سنة وكلاهما لهما بصماتهما الرائدة في العلم، خصوصا في مجال الطب في المنطقة، وذلك وفق اعلى المعايير الدولية"، مشيرا الى "ان للجامعتين دورا في تخريج اسماء عظيمة خصوصا الجامعة اليسوعية التي تخرج منها عدد كبير من رؤساء الجمهورية اللبنانيين".

وختم معلنا "ان للجامعتين جذورهما في التقاليد المسيحية وانهما فتحتا أبوابهما للتلامذة من كل الطوائف والاديان".


دكاش
بدوره، قال دكاش:"خلال الحرب العالمية الاولى ولمئة سنة خلت، قال الرئيس المؤسس للجامعة الاميركية في بيروت دانيال بلس : من كان يحلم ولو للحظة ان يكون بيننا هذه المجموعة من الاباء اليسوعيين، خصوصا الفرنسيين منهم بيننا يقطنون في البوست هاوس، وكان ذلك اشارة الى التهجير القسري لاهل الجامعة اليسوعية انذاك، وقد وجدوا ملجأ في حرم الجامعة الاميركية بعد سنوات طويلة من الصراع بين الكاثوليك والانجليين. واقول اليوم، من كان يحلم بأن نجتمع ها هنا في قلب الجامعة الاميركية للتوقيع سوية على مذكرةالتفاهم هذه، التي هي اكثر وابلغ من مذكرة، والتي تفتح الباب لعمل عظيم بين الجامعة الاميركية في بيروت والجامعة اليسوعية البيروتية الاصل والمكان".

اضاف:"لا يمر اسبوع في عملنا الجامعي الا ونوقع اتفاقا من هنا ومن هنالك، فنعتز بأن سجل جامعتنا مليء بالاتفاقات مع الجامعات الاخرى وان لمؤسساتنا بعدا دوليا فريدا من نوعه يدخل ما نسميه عولمة التعليم العالي وقدرته على ان يستقبل طلابا واساتذة من الاقاصي وان يمنح الشهادات ذات الجودة والقيمة العالية والعالمية، والتي تؤهل من يحملها ان يعمل على المساحة الكونية من دون اشكال، الا ان هذه المذكرة اليوم، وقد تحدث الرئيس فضلو عن تفاصيل محتواها ومحدودية مساحتها، لها نكهتها الخاصة لان فيها بعض الخصوصية والجمالية المستحبة".

وتابع:"فهذه المعاهدة وان طال انتظارها انما تأتي من تاريخ طويل، هو تاريخ حملناه معا، حتى لو لم نصنعه سوية ضمن شراكة مجددة، الا ان الواقع يقول ان المتخرجين من جامعتينا، اولئك الذين حصلوا على المهارات والكفاءات من مقاعد الدراسة، انما عملوا على انماء هذه البلاد وغيرها من البلدان بروح من العطاء وبذل الذات وتجاوز المصاعب والعقبات. هذا التاريخ الطويل لا اريد ان اراه صراعا بين مؤسستين او بين نهجين تربويين مختلفي الطرق والاساليب واللغة، بل اننا نرى فيه شيئا من التكامل الذي عاد بالفائدة على المؤسستين بالذات، وكذلك على المجتمع اللبناني والعربي والشرقي، لان الخير الذي اتى على يد الجامعتين انما تجاوز حدود بيروت ليصل الى مختلف بقاع الشرق، وتجاوز حدودها كذلك".

وقال:"هذا التاريخ بالذات الموسوم بذكرى المئة والخمسين سنة لتأسيس الجامعة الاميركية والمئة والثلاثة واربعين عاما للجامعة اليسوعية، هو الذي ينادينا اليوم بما فيه من انجازات وربما من اخفاقات، لمزيد من الوعي لمسؤوليتانا حيال التعليم الجامعي العام في لبنان، ليكون حاملا رسالة هي رسالة الجودة والتربية المتكاملة والانسانية والمواطنية والمهنية فيستمر هذا التعليم عاملا على صقل رأسمال لبنان والعالم العربي الذي لا بعده رأسمال الا وهو رأسمال الموارد البشرية الكفوءة القادرة على تطوير صناعة المعرفة واقتصاد المعرفة، ووضع هذه المعرفة في خدمة نمو الشعوب والمجتمعات".

وختم:"انها المؤسسات التي لا وجهة لها سوى اعلاء شأن البحث العلمي الاساسي والعلمي الضروري للتعليم، فيلعب لبنان ومؤسساتنا الجامعية الدور الريادي في عالم المعرفة واقتصادها. واود ان اضيف ان روحية هذا التحالف لا تقتصر على جامعيتنا، بل انها مفتوحة على اولئك الذين يريدون الاسهام في تقوية جسم التعليم الجامعي على قواعد العطاء والجدية واخترام الامانة والشرعية التربوية اللبنانية، والتي تميز بين العمل والمجاهدة في سبيل الحق والحقوق وبين التكفير والهمجية والبربرية في النظرة الى الاخر. في هذا المضمار لا بد من ان نعمل للموازنة بين البحث العلمي في مجال العلوم الطبية والبيولوجية والتكنولوجية وبين البحث العلمي في مجال الاداب والعلوم الانسانية، وهو كان ولا يزال من اختصاص رسالة جامعتينا، وكم نحن بحاجة الى تعزيز هذا البحث في وقت نسأل ذواتنا عن اي انسان نريد ان نكون وان نربي، وعن اي مجتمع نريد ان نشكل ولماذا هذا العنف كله في مجتمعاتنا، وفي وقت اصبحت فيه العصبية التي فينا اخطر بكثير من الامية الهجائية، هي عصبية رأيناها ونراها تقضي على الاخضر واليابس وعلى الهويات المنفتحة والاوطان القائمة على التعددية في تكوينها، وهذه مجالات لا بد ان نكون جريئين في طرق ابوابها والسعي الى فتح افاق جديدة للاجابة عن الاسئلةالتي تهدد الواقع والمصير".

حمادة
بدوره قال حمادة:"هذه القبلات المتبادلة تزيد بإعتزازي بتمثيلي رئيس الجمهورية في هذا الحفل الجامع الذي بالنسبة لي يأخذ معان كثيرة، فإنا خريج كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية، ولكنني في الوقت نفسه ربما ادين للجامة الاميركية ومركزها الطبي واطبائها ان اكون بينكم الليلة بعد فاجعة حصلت بي منذ سنوات، فشكري يذهب الى الجامعتين على الصعيد الشخصي، ولكن اذا تجاوزنا الشخصي الى العام فيما استطيع ان اقول ان ما نشهد الليلة هو تتويج لتعاون غير منظور عمره مئة سنة نيف من تاريخ هذا الوطن ومن تاريخ هذه المنطقة ومن تاريخ العالم".

اضاف:"اكثر من مئة عام والتنافس الخلاق بين هاتين الجامعتين جعل من لبنان ما هو عليه اليوم وما يجب ان يبقى عليه ولا ينحدر الى مكان آخر".

وقال:"كنتم بالامس في الجامعة الاميركية ثم في الجامعة اليسوعية، كنتم من بين هذا الصرح الكبير الذي اسمه لبنان المستقل الديمقراطي العربي الحر. من هنا تخرج افضل النخب اللبنانية والعربية والمتوسطية. والى هنا، يجب ان يعود الفضل الاكبر في هذه النشأة وفي هذه النهضة اللبنانية والعربية والمتوسطية، وانتم من غزى كل المجتمع اللبناني وفي كل مراتبه، ولن ابدأ في السياسة لانها الاقل اهمية بالنسبة لي، ولكن بالعلوم والحقوق والبحث العلمي وبكل ما ابتدعت هاتان الجامعتين من اعمال لا نزال نتحدث عنها هنا، ولكن العالم كله يتحدث عنها واتمنى بأن تعود السيدة الزغبي بجائزة معينة واهنئها على الوسام الذي تقلدته بالامس من قبل رئيس الجمهورية".

وتوجه حمادة الى خوري ودكاش بالقول:"انا متأثر فعلا وانا اعود الى الذكريات السيئة في لبنان زمن الحرب الاهلية حيث اذكر حينما كنا نحاول بناء جسر بين ما كان يسمى بيروت الغربية والشرقية، حيث بقيت هاتان الجامعتان صامدتان في احلك الايام، كل منها في موقعها وبأساتذتها، وبمعظم الاحيان بطلابها رغم القتل والتهجير والخطف، كما كانت الجامعة الاميركية واليسوعية قبل نشأة لبنان الكبير والجديد، اي قبل نشأة الدولة التي لا نزال نبحث عنها. انا على يقين انهما باقيتان الى ما بعد انشاء الدولة، وحتى اذا لم يحالفنا الحظ في انشائها في هذه الظروف الصعبة بعد هذه المحاولات. هذه المحاولة التي نقوم بها ولكن في منطقة محفوفة بالمخاطر بها، ولكن في الجامعتين الدرع الاول للبنان الاستقلال والعلم والمنارة، وقبل كل شيء وهنا اقول شكرا للرئيس دكاش على ذلك للبنان الحرية".

ونقل حمادة تحيات الرئيس عون للحضور واعرب عن فخره كون رئيس الجامعة فضلو خوري هو ابن صديق كبير له وانه فخور به كونه رئيسا لهذه الجامعة.

وفي الختام، قدم حمادة وخوري الى دكاش هدية عبارة عن عملات معدنية بإسم الجامعة الاميركية، اصدرها مصرف لبنان خصيصا للجامعة.