ندوة عن العيش معا في لبنان وكندا في الكسليك وكلمات ركزت على أهمية المجتمعات التعددية
نظم مركز دراسات الأقليات في الشرق الأوسط في جامعة الروح القدس - الكسليك بالتعاون مع سفارة كندا في لبنان ندوة بعنوان "العيش معا في لبنان وكندا: ماذا يخبئ المستقبل للديمقراطية المبنية على المواطنة؟". شارك فيها النائب غسان مخيبر والوزير السابق روجيه ديب والأستاذ والباحث في جامعة شيربروك في كندا البروفسور سامي عون، وأدارها الدكتور فادي الأحمر، في حضور القائم بالأعمال في سفارة كندا في لبنان أوليفيه بويون ممثلا سفيرة كندا في لبنان ميشال كاميرون، راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران كميل زيدان، رئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة، النائب الأول لرئيس الجامعة ومدير مركز دراسات الأقليات في الشرق الأوسط الأب البروفسور يوحنا عقيقي، وشخصيات ديبلوماسية واجتماعية وتربوية وثقافية...
هدفت هذه الندوة إلى تسليط الضوء على القيم المتقاربة التي تدعم العيش معا في المجتمعات التعددية (متعددة الطوائف، متعددة اللغات،...) وتحديدا القيم في لبنان وكندا، والتشديد على التحديات التي يثيرها العيش معا الذي تحكمه الديمقراطية الليبرالية والقوانين الدستورية المرعية الإجراء.
عقيقي
بعد النشيدين اللبناني والكندي، كانت كلمة للنائب الأول لرئيس الجامعة ومدير مركز دراسات الأقليات في الشرق الأوسط، طرح فيها سلسلة تساؤلات تتعلق بموضوع العيش معا، ومنها: "كيف يتم دمج الأشخاص والشعوب في العائلة الإنسانية الفريدة المبنية على التضامن والقيم الأساسية للمساواة والعدالة والسلام؟ وهل يجب أن ندفن مخيلة أصولنا لنبني صورة واضحة عن آخر مختلف؟ أي حوار، وأي وساطة هما قادران على نسج روابط الاعتراف بالآخر؟ أي ديمقراطية، وأي علمانية، وأي قانون دستوري قادر على ضمان الصداقة في ظل غياب الاحترام وقبول الآخر؟ ماذا ستكون القيمة المضافة لديمقراطية علمانية عندما يخدعنا التطرف، دائما، بلعبة التسامح والعدالة؟ ماذا سيكون، في الواقع، مصير الأقليات حيث تكون المواطنة مجرد كلمة فارغة من أي معنى أو تكون، على الأقل، قناعا خبيثا للانتماء الإثني والعرقي والديني؟".
حبيقة
ثم ألقى رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك كلمة أشار فيها إلى أن "المعضلة الأساسية التي تواجه الإنسانية في أيامنا الحاضرة ليست معضلة الوجود بل هي، من دون أدنى شك، العيش معا. لذا، السؤال الذي يطرح ذاته تلقائيا هو: كيف نحث مختلف الهويات، التي تعيش الآن في "قرية كونية"، على قبول بعضها البعض كمصدر حتمي للحياة والثقافة والغنى الفكري والروحي؟ ففي حين يعتبر البعض أن الآخر هو الجحيم، إلا أن الآخر، بالنسبة إلينا، يكتنز مضامين إيجابية مغايرة. من دون الآخر، لن يكون بوسعي أن أعي ذاتي في غيريتها. فالآخر هو رادف أساسي في بلورة الذات. إذا، الآخر ليس الجحيم، بل هو جزء لا يتجزأ من الذات وهو الطريق إليها".
أضاف: "تشكل الثقافة والمعرفة المحررة إحدى المكونات الأساسية للكائن البشري. التعددية أساس الوجود والسبيل الوحيد إلى الحياة وإلى السلام. وبهذا تكون فرادة كل إنسان وتميزه هي الضامن الأوحد لمبدأ التعددية التي تتحكم في الوجود بأكمله، ومن دون التعددية لمشينا جميعنا في موكب جنازة الحياة والإبداع".
وخلص إلى القول: "تصطدم، اليوم، مسألة العيش معا بكم لا يستهان به من المشاكل، ولعل أبرزها موجات النزوح وإزالة الحدود بين البلدان؛ فبات العالم صغيرا جدا. ولكن مهما يكن من أمر، يبقى المجتمع المجال الوحيد الحيوي للإنسان".
بويون
وتحدث القائم بالأعمال في السفارة الكندية فلفت إلى أن "هذه الندوة تأتي في إطار نشاطات شهر الفرنكوفونية للعام 2017، لاسيما وأن الفرنكوفونية بالنسبة إلى كندا ليست مجرد لغة أو ثقافة بل هي قيم متبادلة، هي قيم السلام والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتنمية المستدامة والتضامن".
وتابع: "نتشارك، اليوم، رسالة اندماج وتعددية وتسامح وانفتاح في ظل كل ما نشهده من تراجع في احترام الاختلاف والأحداث المأسوية الأخيرة، في اسطنبول وفرنسا وبروكسيل...، وأزمة النزوح في أوروبا الأمر الذي أدى إلى ازدياد وتيرة الخوف والرعب من التعددية وتحويل آثارها الإيجابية إلى آثار سلبية. وتجدر الإشارة إلى أن بعض البلدان تنظر إلى التعددية، أكانت فكرية أم جندرية أم دينية، كما إلى الفئات المهمشة مثل اللاجئين والنساء... على أنها تهديد محدق. أما كندا فتعتبر التعددية قوة متأصلة في المجتمعات المتعددة التي تتمتع بميزات ثقافية واقتصادية واجتماعية وسياسية".
وختم قائلا: "تشكل التعددية السليمة والاندماج واحترام التعددية العناصر الأساسية للمجتمع الديمقراطي والمتسامح والشفاف الذي يسمح لأعضائه بأن يعيشوا حياة كريمة وأن يشاركوا في اتخاذ القرارات المتعلقة بهم مع تعزيز التلاحم الاجتماعي والازدهار الاقتصادي. وتبقى التعددية مصدرا لبناء مجتمع سليم".
ديب
ثم بدأت الندوة أعمالها وتحدث فيها ديب الذي أشار في مداخلته إلى أن "العيش معا في لبنان هو تاريخي". وقال: "لذلك نلاحظ أن في كل مسلم جزءا من المسيحية، وفي كل مسيحي جزء من الإسلام. وهذا ما يسهل "العيش معا" في لبنان ويجعله مسألة عفوية".
أضاف: "في لبنان لا وجود لأغلبية مقابل أقلية. إنما جماعات متساوية مع تقدم جماعة منها على الأخريات. في الماضي كان الموارنة متقدمين في السلطة، واليوم الشيعة هم المتقدمون بين الجماعات المتساوية".
وأشار إلى مجموعة من التحديات التي تواجه لبنان على مستوى "العيش معا" منها: انخراط حزب الله في الحرب السورية، ضعف الدولة، واستفحال الأزمة الاقتصادية وتزايد الدين العام بشكل غير مسبوق، والفوضى الإقليمية والدولية التي تهدد الاستقرار الداخلي الذي هو تاريخيا نتاج اتفاقيات إقليمية أو دولية".
مخيبر
واستهل مخيبر كلمته مؤكدا "أن لبنان هو وطن وليس دولة، في إشارة الى ضعف الدولة الناتج من الصراعات بين مكونات المجتمع اللبناني وعدم فعالية مؤسسات الحوار بينها. والحل هو في الدولة المدنية ودولة القانون والديموقراطية الفعلية".
وشدد على "أهمية تربية الأجيال لتقديم الانتماء الوطني على الانتماء الديني والمذهبي". وعرض خارطة طريق "لتفعيل "العيش معا" في لبنان". وأبرز بنودها: "تطبيق اللامركزية ضمن الدولة الموحدة، مشاركة كافة مكونات المجتمع في القرارات ولذلك يجب انشاء مجلس الشيوخ، تطوير الحوار في لبنان عبر تفعيل مؤسسات الحوار...".
عون
وأوضح البروفسور عون "أن المجتمع الكندي مكون من عدة جماعات مختلفة عرقيا ولغويا ودينيا تعيش معا في إطار دولة تحترم "ديموقراطية المواطنة".
وقال: "الدولة الكندية علمانية تلتزم الحياد تجاه الاختلافات بين الجماعات المكونة للمجتمع. العلمانية الكندية أقرب إلى تلك الأنكلوساكسونية منها الى العلمانية الفرنسية".
أضاف: "إن كندا هي دولة المواطنة فيها مساواة فعلية بين كافة المواطنين بغض النظر عن العرق والدين واللغة، وهي تحترم الحرية الفردية وحرية الجماعات، ولكنها تعطي تقدما واضحا للحرية الفردية على حرية الجماعة".
وأشار إلى أن "الاختلاف بين مكونات المجتمع موجودة، خاصة بين الانغلوفون والفرنكوفون".