افتتاح مؤتمر عن السرقة الأدبية في جامعة الروح القدس
ويشكّل هذا المؤتمر الذي يستمر ليومين سابقة فريدة من نوعها إذ أنه أول مؤتمر في الشرق الأوسط يكشف قضية السرقة الأدبية. فهو يهدف إلى تسليط الضوء على مخاطر السرقة الأدبية، التعليم على احترام مبادئ الملكية الفكرية، فضلا عن ضرورة الإنتاج عوضًا عن النسخ والتقليد بغية تحقيق تقدّم في المجتمعات البشرية.
الافتتاح
خضرا
بداية ألقت كلمة التقديم الإعلامية مايا خضرا التي اعتبرت "أنه ما يجمّعنا اليوم هو أكثر من مجرّد تجمّع أكاديميّ بحت. فبعيدًا عن نعي الابتكار والإبداع البشريين، سوف نطلق صفارات الإنذار وتسليط الضوء على الآثار السلبية لهذه الآفة التي تخفّض من المستوى الأكاديميّ في الجامعات وفي المجالات المهنية".
جعجع
ثم تحدثت نائبة مدير المركز العالي للبحوث في الجامعة د.ليلى جعجع، مشيرة إلى "أنه في ظلّ تطوّر وسائل التواصل، والتبادل، والموارد الإلكترونية، يشكّل العصر الرقمي سيفاً ذا حدّين: فمن جهة، يسهّل هذا العصر النفاذ إلى أعمال الآخرين، ومن جهة أخرى، يجعل السرقة الأدبية أكثر سهولةً وشيوعاً. وأشارت إلى "أنّ السرقة الأدبية تُعتبر نقصاً للدقة العلميّة، فهي لا تقتصر على "الاستعارة"، أو على "سرقة الكلمات"، أو على "النسخ واللصق"، بل هي "فنّ الاستيلاء على الأفكار". وخلصت إلى أنه "من الضروري ألّا نكتفي بالتبليغ عن السرقة الأدبية، ومعاقبتها، بل يجب إيجاد حلّ لها. إذ يجب أن تتمتّع المؤسسات العلمية والجامعات بمكتب لدعم تطوير جودة البحوث ونزاهتها، ومراقبته. ولا بدّ لي من تسليط الضوء على ظاهرة تنمو تدريجيًّا في مجال البحوث، ألا وهي تزوير النتائج أو الاحتيال".
شلهوب
أما رئيسة معهد الدكتوراه في جامعة الروح القدس – الكسليك البروفسورة نيكول شلهوب، فلفتت إلى "أن سبب ندوتنا اليوم هو القلق من خطر السرقة الأدبية المتزايد بخاصة منذ بداية العصر الرقمي. ومسألة السرقة الأدبية مسألة معقدة وقد أظهرنا ذلك في الإشكاليات التي ستركز عليها حلقة الحوار هذه، على غرار روح الاحتيال والسرقة الأدبية في جميع المجالات وإشكاليات معاكسة على غرار الاتهامات الظالمة بالسرقة الأدبية في حال الاستلهام من المراجع أو الاستخلاص أو توازي الاستنتاجات أو الصدف بكلّ بساطة". وأضافت: "أودّ أيضًا تسليط الضوء على المسّ الأحادي غير المرغوب به في القلق من مسألة السرقة الأدبية"، لافتة إلى "أنه إذا لم يكن أحد قادرًا على الابتكار من عدم، وإذا كنّا جميعًا الحلقات في سلسلة طويلة من التحولات والاستمرارية، يبقى الحلم في الوصول إلى عالم أفضل لا يمكن تحقيقه من دون تزاوج الصدق والطموح والابتكار ومن دون الاعتراف بالإرث الذي نثني عليه أو نعارضه ونصبو إلى تخطّيه".
ناكوزي
من جهتها قالت المديرة الإقليمية للوكالة الجامعية للفرانكوفونية في الشرق الأوسط سلوى ناكوزي: "يفتخر مكتب الشرق الأوسط في الوكالة الجامعيّة الفرنكوفونيّة بالمشاركة في هذا المؤتمر المتعدّد الاختصاصات، والمتعدّد اللغات بامتياز. وذكرت " أنّ السرقة الأدبية تشغل العالم الجامعيّ اليوم، وهي في صلب اهتماماتنا". وأشارت إلى "أنّ مفهوم السرقة الأدبية يكمن في نسخ ولصق المعلومات، أو استعارة أحدهم أقوال زميله من دون ذكر صاحب هذه الأقوال، وقد نمت هذه السرقة الأدبية مع ظهور متصفّح "ويكيبيديا". ولا شكّ في أن المسألة لا تقتصر على ذلك فحسب، بل وتتعلّق بعالم الفنون والآداب، وهي قد تبدو بسيطة ولكنّها أكثر تعقيداً". ورأت "أنه في هذا الصدد، لا بدّ من طرح السؤال الآتي: أين تبدأ السرقة الأدبية وأين ينتهي الإلهام؟. آمل أن نتوصّل في نهاية المطاف إلى رسم حدود بين السرقة الأدبية والإلهام".
الأب محفوظ
واعتبر رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب د.هادي محفوظ، "أن السرقة الأدبية تقع في صلب اهتماماتنا في ما يتعلق بنتاج أعمال طلابنا ونتاج البحث العلمي الذي يقوم به طلاب الدكتوراه ونتاج عمل المعلمين الباحثين في الجامعة؛ وفي ما يتعلّق بالنزاهة الفكرية التي تنبع من مسار الجودة التي تتبعه مؤسستنا". وتساءل: "كيف نكون نموذجًا للغير وكيف ننطلق في رحلتنا نحو الكمال من دون أن نكون ملزمين بعقد الشفافية والأصالة اللتين لا تشوبهما شائبة؟"، مؤكدا أنه "من هذا المنظور، لا يمكننا ترك أيّ مكان للانتحال أو خيانة الأمانة في مجال الملكية في الفكرية والفنية وغيرهما".
الجمّال
وفي ختام الافتتاح ألقى مدير عام التعليم العالي في لبنان د. أحمد الجمّال كلمة قال فيها "إنّ سرقة الأفكار والاستيلاء على الأعمال الأدبية التي تعود للغير، تسود في المجال الجامعي، لعدّة أسباب، ألا وهي الجهل، وقلّة تنظيم الوقت، وإيجاد صعوبات في تنفيذ العمل المطلوب، وإيجاد صعوبات في الكتابة بلغات أجنبيّة، وباللغات الأمّ". وشدد على "أن قانون حقوق المؤلّف يحمي الملكية الفكريّة، والاختراعات. إذاً، تُعتبر السرقة الأدبية كعمل احتيال أو سرقة لأعمال الغير". وأشار إلى "أنّه تمّ استحداث برامج لكشف السرقات الأدبية في الوثائق الإنكليزية والفرنسية، ولكننّا لا نملك تلك التي تكشف السرقات الأدبية في النصوص العربية. ويُعزى سبب ذلك إلى وجود نقص في المكتبات الإلكترونية العربية، وإلى تقصير تظهره بعض الجامعات في مجال وضع الأطروحات وتقارير عمل الطلاب (كالدورات التدريبية وغيرها..) في الأرشيف، بالإضافة إلى غياب مراكز وطنية لوضع الأطروحات في الأرشيف، وبذل جهود قليلة في مجال تطوير برامج قادرة على كشف السرقات الأدبية في اللغة العربية". واختتم الجمّال متمنيا النجاح لهذه الندوة، والتوصّل إلى اقتراح توصيات تتيح إمكانية التصدّي للسرقة الأدبية.