ابو فاعور رعى تخريج طلاب مدرسة العزم: طرابلس أعطت الوطن ولكنه لم يعطها وأنصفته ولم ينصفها
أقامت "مدرسة العزم" احتفالا بتخريج طلاب الصف الثاني عشر بمختلف فروعه، على مسرح "مجمع العزم التربوي" في طرابلس، برعاية وزير الصناعة وائل أبو فاعور وحضوره والرئيس نجيب ميقاتي، عضو كتلة "الوسط المستقل" النائب جان عبيد ممثلا بإيليا عبيد، رئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي، رئيس مجلس أمناء جامعة العزم الدكتور عبد الإله ميقاتي، رئيس الجامعة الدكتور رامز معلوف، مديرة مدرسة العزم هبة نشابة والسيد توفيق سلطان وحشد من التربويين وأهالي الطلاب.
وبعد دخول الخريجين وعزف النشيدين الوطني والمدرسة، القيت كلمات لعدد من الطلاب المتخرجين رافي إسماعيل ومروة كيال وجنى الجمل وجميل زريقة، اكدوا فيها "ضرورة متابعة المسيرة التعليمية رغم الصعاب وبعيدا عن كل ما من شأنه تشتيت ذهن الطلاب عن مهمتهم الأساسية".
ثم ادى كورال المدرسة أغنية "you raise me up"، وتم عرض فيلم عن حياة الطلاب في المدرسة.
نشابة
وألقت مديرة المدرسة كلمة، رحبت فيها بالحضور، ولفتت الى ان "لبنان لن ينهض إلا من خلال التربية والتعليم، ولهذا السبب اخترنا في مدرسة العزم أن نصب كل معرفتنا وجهدنا في بناء مواطن ووطن"، وقالت: "لبنان وطن منهك على كل الأصعدة، وأولها التربية والتعليم. فالمنظومة التربوية تحتاج الى مقاربة مختلفة عما هي عليه اليوم"، واعتبرت ان "التربية والتعليم بحاجة إلى إصلاح في المضمون قبل الشكل، بمناهج حديثة تفتح الآفاق للابداع والتفكير والتفاعل خارج حدود العائلة والمدرسة وضوابط المجتمع"، مؤكدة "نحن بحاجة إلى تأسيس وعي اجتماعي ومجتمعي لتربية أولادنا على كيفية بناء وطن حر ديموقراطي لا تحكمه الطوائف بل الكفاءات".
ابو فاعور
ثم تحدث الوزير أبو فاعور، فقال: "يجمعني وأنا ابن الجنوب، بطرابلس وأبناء الشمال، معجن وفكر إنساني أتشرف بأن أنتمي إليه، فكر المعلم الشهيد كمال جنبلاط، الذي يحمل إرثه الرئيس وليد جنبلاط، الذي أنقل لدولة الرئيس ولكم، ولكل طرابلس والشمال تحياته ومحبته في هذا المساء".
أضاف: "دعيت إلى المشاركة في هذا اللقاء، فما كان بوسعي إلا أن آتي مخفورا بالمحبة والتقدير، أولا، لدولة الرئيس الصديق العزيز نجيب ميقاتي وثانيا لهذه التجربة، تجربة مدرسة العزم، والعزم بداية الفعل وأول العمل. هذه التجربة التي أتشرف اليوم بأن ألمح بعضا من ملامحها في ما رأيناه في هذا الاحتفال. وأتيت أيضا مخفورا بالمحبة لطرابلس وأهلها وأهل الشمال، هذه المنطقة العزيزة التي أعطت الوطن ولكن الوطن لم يعطها. هذه المنطقة العزيزة التي أنصفت الوطن ولكن الوطن لم ينصفها. وقد استمعتم واستمعنا في الأيام القليلة الماضية للكثير من الأصوات الظالمة التي انطلقت بحق طرابلس وأهلها تتهمها بالإرهاب، وتتهم طرابلس والشمال بأنه يخرج الإرهابيين وتمثل خطرا على الوطن. وأنا أرى اليوم في هذه الوجوه النيرة والقامات المشرقة بالعلم والثقافة على الحياة أن الرد العملي والفعلي على كل ما قيل من ظلم وتجن بحق طرابلس، هو أن نزف هؤلاء الخريجين والخريجات في هذه الأمسية إلى الوطن، إنهم بنات وأبناء طرابلس التي خرجت العلم والعلماء ولا تزال".
وتابع: "في كل مرة أدعى فيها إلى حفل تخرج، أعرف واعترف أن ليس لي في تجربتي الشخصية ما يعينني على إبداء الكثير من النصح، ولا في تجربتي السياسية وأنا واحد من السياسيين الذين يعملون في هذا الوطن ولا أعرف كم يعملون لأجله. ولكن في كل حفل تخرج تربوي يتردد في ذهني نشيد الشاعر الشهيد خليل حاوي الذي قال قبل أن تطلق الرصاصات على رأسه يوم دخول إسرائيل إلى بيروت "ويكفيني أن لي أطفال أترابي، ولي في حبهم خمر وزاد. ويكفيني أن لي عيدا حصادي، ويكفيني أن لي عيدا وعيد، كلما ضوى في قريتي مصباح جديد، يعبرون الجسر في الصبح خفافا، أضلعي امتدت لهم جسرا وطيد، من كهوف الشرق من مستنقع الشرق إلى شرق جديد".
وتوجه الى المتخرجين قائلا: "أعبروا هذا الجسر إلى شرق جديد، أعبروا إلى شرق الحرية، شرق الديموقراطية، شرق الفكر. انحازوا إلى الفكرة، ولا تنحازوا إلى المقصلة. انحازوا إلى العلم لا إلى الجهل، إلى التنوع لا إلى التطرف. لم يهزم العرب إلا حينما تركوا العلم. العرب لم يهزموا بالحرب بل هزموا بالفكرة، وعندما انحاز بعضهم إلى المقصلة، وهزموا عندما تركوا العلم وتركوا الحرية، وتركوا الديموقراطية. فكونوا أنتم الجواب على ما جنيناه نحن، وجناه أهلنا حين فرض عليهم بعض المصائر التي قادت أمة العرب إلى المكان المؤسف الذي هي فيه اليوم".
واردف: "جئت اليوم إلى طرابلس كوزير للصناعة. وإني إذ أحمل تحيات الرفيق أكرم شهيب وزير التربية لكم ولمدرسة العزم ولكل الهيئات التربوية في الشمال، فإنني صدمت بما رأيت. جئت لكي أجول على مصانع المفروشات، فلم أجد إلا الأبواب الموصدة، والمصانع المقفلة، وبعضا من الصناعيين الذين يبكون ويندبون، ويتطلعون بحسرة إلى ما كان في يوم من الأيام مصدرا للعمل والإنتاج والإبداع في طرابلس. وتحدثت مع دولة الرئيس ميقاتي واتصلت بدولة الرئيس الحريري وأعتقد أن هناك مهمة انقاذية للصناعة في طرابلس يجب أن تبدأ بداية بإصدار مراسيم الرسوم النوعية التي أقرت في مجلس الوزراء، ولا تزال حتى اللحظة أسيرة بعض أهواء بعض التجار الجشعين الذين لم يرتووا منذ ما قبل الاستقلال حتى اليوم من ضرب كل القطاعات الإنتاجية. بعض التجار الذين يسميهم الدكتور فواز طرابلسي في كتابه "لبنان من الإمارة إلى اتفاق الطائف".
واشار الى ان "الأوليغارشيا التجارية التي ما شبعت ولن تشبع وتعودت أن تفرض سطوتها على السياسيين. هذه الأوليغارشيا لا تزال موجودة. صحيح هي أكثر فظاظة وأقل كفاءة، ولكنه لا تزال موجودة في حياتنا الاقتصادية. وهي التي تجعل طرابلس والأرياف اللبنانية تعاني من غياب فرص العمل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكل إمكانات النهوض بالاقتصاد اللبناني. وأنا أمامكم وأمام بنات وأبناء طرابلس الذين يزفون إلى الوطن اليوم قدرات وطاقات نعتز بها، أعد بأنني سأعود إلى طرابلس في وقت قريب وقريب جدا، ولن تكون الحال على ما هي اليوم بالنسبة إلى كل الصناعات في المدينة. وهذه المعركة لا علاقة لها بالسياسة بل بأساس وجود لبنان ومستقبل هؤلاء الشباب والشابات، ومستقبل الجيل الجديد في لبنان".
ولفت الى ان "لبنان لا يمكن أن يقوم فقط على فكرة الريع ولا على فكرة التجارة، ولا فكرة العقارات ولا الخدمات. الطريقة الوحيدة لإبقاء أبناء لبنان فيه وعدم تصديرهم للخارج، هي بالنهوض الاقتصادي الحقيقي الذي لا يمكن أن يكون إلا على قاعدة إعادة الاعتبار للقطاعات الإنتاجية في كل لبنان ومنه طرابلس".
وختم شاكرا "مدرسة العزم على هذه الدعوة وأنا أعتبر أنني كرمت تكريما كبيرا اليوم في مشاركتي في هذا اللقاء، ومشاركتي الطلاب والطالبات والإدارة والمدرسة والأهالي والهيئات التربوية هذه الأمسية الفرحة وهذا الفرح الذي نعيشه جميعا اليوم".
ثم تم توزيع دروع التميز في الميادين التربوية والرياضية والشهادات على المتخرجين، فكوكتيل على شرف الحضور.